كتابات وآراء


الإثنين - 09 أكتوبر 2017 - الساعة 12:13 ص

كُتب بواسطة : حسين الحنشي - ارشيف الكاتب


ليس فقط في وضعنا وجد "المحبطين" فدروس التاريخ تخبرنا عن "وجود هؤلاء" في كل مراحل التاريخ الانساني وفي كل منعطف "نحو التغيير" في حياة امة من الامم وحتى في اعظم الثورات الانسانية الى اصغر الحركات التحررية "هناك محبط" يحاول السحب الى الوراء بأهداف عدة.
ليس هناك ثورة او حركة تغيير او استقلال كانت "نقية من الاخطاء" بل ان جميعها تقريبا شهدت فترة تلي الانتصار او تسبقه تكون "افظع في الاخطاء حتى من النظام العتيق او الوضع الاحتلالي المراد "تغييره" ولكنها لابد منها وحتمية انتصارها شيء كوني وسماوي ونتائجها الطويلة دائما هي الافضل.
يذكر إيريك هوفر في كتابه "المؤمن الصادق" أن "الثورات الناجحة تمر بثلاث مراحل: المرحلة الأولى: مرحلة رجال الكلمة، وهم المثقفون الذين يمهدون للأمر، ويعبدون الطريق من خلال نقد النظام القائم والسخرية منه، ووضع أيدي الناس على مناطق الضعف لدى النظام.
المرحلة الثانية: مرحلة المتحمسين وهم من يشعلون الثورة ويقودون الحراك المرحلة الثالثة: بعد أن تنجح الثورات وتقضي تماماً على النظم القديمة، يأتي دور الرجال العمليين ذوي الكفاية الحالمين الباحثين عن النجاح، فيشرعون في البناء على أرض ممهدة خالية من الأشواك والحراشف".
فيمكننا القول إن الثورة يبدأ دخانها عند رجال الكلمة من النخبة، وتصل إلى حد الاحتراق بيد المتحمسين بيد أن الفترة التي يجب أن يقود فيها المتحمسين الثورة يجب أن لا تطول، فالدواء لو زادت جرعته لاستحال سماً، ولكن لا بد أن يكونوا هم الطليعة الأولى أثناء منازلة الأنظمة القديمة، فهم أكثر إخلاصاً للثورات، فهم يغذون الثورات بدمائهم، كما يغذي طائر البجع صغاره.
ثورتنا ومحبطينا:

استغرب ان تقرأ لمثقف حديث يمثل دعوة للإحباط وايقاف السعي من اجل هدف الشعب يقول فيه "ثلاث مليونيات للجنوبيين بعدن" اذا لن يتفقوا ولن يكون هناك انتصار .!!
او خطأ للأمن المشكل حديثاً يجعل شاعرا ثورياً "يكفر بمبادئ الثورة" ؟!! سيستمر المحبطين في مفاصل ثورتنا كما كان هناك محبطين في كل الثورات الانسانية لكن الانتصار لا يؤخره "محبط او ساعي لإبقاء وضع وجد فيه راحته.
بكل اخطائنا وانقساماتنا وصخبنا سيكون هناك نور لاشك وسينتصر الشعب لاسيما وان العوامل المحيطة بدأت في خدمة القضية والشعب .
دعوا من اراد ان يحتفل ان يحتفل كما شاء نظموا مليوينات بجميع ساحات الجنوب اصدروا بيانات مختلفة وحتى متباينة لكن ثقوا ان الثورة لن يقوفها احد وان القادم افضل.

نماذج من التاريخ:

ولو اخذنا مثلا احد اعظم الثورات في التاريخ وهي "الثورة الفرنسية" فقد كانت السياسة الراديكالية المتطرفة للثورة الفرنسية تقود حكمًا نحو صدام عسكري مع حلفاء النظام الملكي، الجيران خارجياً.

قوت الناس الاقتصاد:

وعلى صعيد الاقتصاد (وقوت الناس) أثرت الثورة بشكل بالغ السلبية على الاقتصاد الفرنسي، فارتفعت الأسعار، وهمّ العمال الفقراء، وتزايدت الأنشطة المعادية للثورة في بعض المناطق وسياسة فرنسا باتت أكثر راديكالية، وبموجب أولى منجزاتها التشريعية المسمى "قانون الحد الأقصى" يعاقب الإعدام كل من يضع أسعارًا أعلى للمواد الغذائية بشكل يخالف لائحة القانون.
سياسة مراقبة الأسعار عن طريق لجنة السلامة العامة، أفضت لتغوّل السلطة والحكم بالإرهاب؛ حاولت لجنة السلامة العامة تحديد أسعار عدد ضئيل من المنتجات خصوصًا الحبوب، لكن بحلول سبتمبر 1793 سعت اللجنة لتغطية جمع المواد الغذائية وقائمة طويلة من السلع الأخرى، ما أدى إلى عزوف التجار عن العمل، ونقص بسلع التموين، وأخيرًا اندلاع المجاعة.

الامن وهو "اكثر ملف يظهر بعد الانتصار"

ثار الفلاحون ضد الحكومة الثورة الفرنسية عام 1793، مبدين استيائهم من التغييرات المفروضة على الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في النظام المدني رجال الدين الصادر عام 1790، واقتحموا خلال الثورة مقر التجنيد العسكري التابع للحكومة الفرنسية، ومن ثم تحولت الثورة لحرب عصابات المعروفة باسم الحرب في فيندي؛ وفي مناطق مختلفة شمال اللوار، حدثت ثورات مماثلة، من قبل ما عرف باسم "المتمردين الملكيين". خلال هذه الثورة، اندلعت المذابح، وعمليتا الإعدام لكلا الإعدام، ويعتقد أن الحكومة قتلت بين 117,000 إلى 250,000 شخص خلال عمليات القمع؛ وقد اعتبره العديد من المؤخرين حادث إبادة جماعية.
وعبر لجنة السلامة العامة في إطار حكم ماكسمليان روبسير، انطلق حكم الإرهاب في فرنسا؛ ووفقًا لسجلات المحفوظات أعدم ما لا يقل 16,594 شخص باستخدام المقصلة أو خلاف ذلك من التهم المتعلقة بأنشطة مضادة للثورة؛ بعض المؤرخين قالوا بأن حوالي 40,000 سجين أعدموا دون محاكمة، أو ماتوا نتيجة سوء ظروف السجون في انتظار المحاكمة. في 13 يوليو، اغتيل جون بول مارات، زعيم نادي اليعاقبة والصحفي المعروف بلغته المتعطشة للدماء، من قبل شارلون كورداي، ما أدى لزيادة النفوذ السياسي لليعاقبة. أزيل في الخطوة التالية جورج دانتون، زعيم انتفاضة أغسطس 1792 ضد الملك بنتيجة عدة انتكاسات سياسية ساقتها له اللجنة، ورئيسها روبسيير الذي غدا العضو الأكثر تأثيرًا في فرنسا، ومعروفًا بتدابيره الراديكالية في الداخل والخارج. وفي 24 يونيو، صدر أول دستور جمهوري في فرنسا، وأجرى تعديلات جذرية في نظام الحكم، خصوصًا من ناحية الاقتراع العام لجميع المواطنين.
أصبحت المقصلة، وهي طريقة تنفيذ عمليات الإعدام في فرنسا الثورية، رمزًا لعهد الإرهاب، في ذروة عهد الإرهاب، فإن أدنى تلميح من الأفكار المضادة للثورة أو الأنشطة (كما في حالة جاك هيبير، انتقاد الأشخاص الذين هم في السلطة) يمكن الحكم عليهم بالإعدام في محاكمات قصيرة. في العديد من الحالات، مات الناس بسبب آرائهم السياسية، وفي بعض الحالات لمجرد الاشتباه، أو ولوجود مصلحة عامة في التخلص منهم.

حتمية الانتصار:

في 27 يوليو 1794، اعتقل وأعدم روبسبير، ولويس دي سانت جوست، وشكلت حكومة جديدة، أعد دستور جديد في 22 أغسطس 1795، صدق عليه الشعب باستفتاء مع حوالي 1,057,000 موافق و49,000 غير موافق، تم إعلان نتائج التصويت في 23 سبتمبر 1795، ووضع الدستور الجديد قيد التنفيذ في 27 سبتمبر 1795.
دامت الثورة الفرنسية عشر سنوات، ومرت عبر ثلاث مراحل أساسية:
المرحلة الأولى (يوليو 1789 - اغسطس 1792)، فترة الملكية الدستورية: تميزت هذه المرحلة بقيام ممثلي الهيئة الثالثة بتأسيس الجمعية الوطنية واحتلال سجن الباستيل، وإلغاء الحقوق "الفيودالية"، وإصدار بيان حقوق الإنسان ووضع أول دستور للبلاد.
المرحلة الثانية (اغسطس 1792 - يوليو 1794)، فترة بداية النظام الجمهوري وتصاعد التيار الثوري حيث تم إعلان إلغاء الملكية ثم إعدام الملك وإقامة نظام جمهوري متشدد.
المرحلة الثالثة، (يوليو 1794 – نوفمبر 1799)، فترة تراجع التيار الثوري وعودة البورجوازية المعتدلة التي سيطرت على الحكم ووضعت دستورا جديدا وتحالفت مع الجيش، كما شجعت الضابط نابليون بونابرت للقيام بانقلاب عسكري ووضع حدا للثورة وإقامة نظام ديكتاتوري توسعي.

نتائج الثورة الفرنسية
النتائج السياسية: عوض النظام الجمهوري الملكية المطلقة، وأقر فصل السلطات وفصل الدين عن الدولة والمساواة وحرية التعبير.
النتائج الاقتصادية: تم القضاء على النظام القديم الاقطاعي ، وفتح المجال لتطور النظام الرأسمالي وتحرير الاقتصاد من رقابة الدولة وحذف الحواجز الجمركية الداخلية، واعتماد المكاييل الجديدة والمقاييس الموحدة.
النتائج الاجتماعية: تم إلغاء الحقوق الإقطاعية وامتيازات النبلاء ورجال الدين ومصادرة أملاك الكنيسة كما أقرت الثورة مبدأ مجانية وإجبارية التعليم والعدالة الاجتماعية وتوحيد وتعميم اللغة الفرنسية.

وانتصرت احد اعظم ثورات البشرية وهو مصير كان ملازم لكل ثورات الانسان ضد الظلم والطغيان والاحتلال والقهر في كل بقاع الارض ولدى كل الامم.