كتابات وآراء


الإثنين - 19 فبراير 2018 - الساعة 06:57 م

كُتب بواسطة : مشاري الذايدي - ارشيف الكاتب


الاتهامات الصريحة التي خلص إليها تقرير المسؤول الأميركي الأمني الكبير روبرت مولر، وتحدث حوله في جلسة استماع بالكونغرس الأميركي، تكشف عن عمق الاختراق الروسي للحياة الأميركية كلها، وليس فقط الانتخابات.
تقرير مولر اتهم 13 روسياً بالتورط في مؤامرة تهدف للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016 باستخدام سجلات «فيسبوك» و«إنستغرام» على نطاق واسع.
في التفاصيل، سواء بتقرير مولر، أو في مطالعات صحافية أميركية، نجد الحديث عن نشاط روسي محموم على مدى سنين، لخلق محتوى موجّه في منصات الـ«سوشيال ميديا» الأميركية، وصناعة قضايا واهتمامات تخدم المخطط الروسي؛ هناك في مبنى بارد بموسكو أو سانت بطرسبرغ.
القصة مهولة وضخمة وفي بداياتها. نحن أمام فصل خاص من فصول الحرب الروسية - الأميركية الجديدة، السلاح فيها هو شباب روس أو عملاء أميركان، مهرة في «البرمجيات» يتلاعبون بعقول ومشاعر المستهلكين الأميركيين العاديين.
ما فعلته الاستخبارات الروسية، تفعله أطراف أخرى، في عالمنا العربي، تبرز حيلة «اللجان الإلكترونية» على يد شباب جماعة «الإخوان» أو المتعاطفين معها أو الدائرين في فلكها، نكاية بالدول القائمة، وتصرف دول ترعى «الإخوان» في المنطقة المال لخلق محتوى يخدم الدعايات الإخوانية؛ كما هو ملحوظ في منصات قطر الإعلامية ومواقعها على الإنترنت... كل يوم موقع باسم «خنفشاري» جديد، تنقل عنه «الجزيرة» بوصفه موقعاً مهنياً محترفاً! وطبعاً الحسابات الوهمية على «تويتر» و«فيسبوك»، وبرامج على «يوتيوب»، تفقس مع كل ساعة؛ بل كل دقيقة، لإرباك المشهد السعودي والمصري والإماراتي بشكل خاص.
نعود للغزو الروسي «السيبراني» لأميركا، وللغرب كله... لأنه حتى فرنسا لم تسلم من مخالب الهاكرز الروس، وهم، أي الروس، لهم قصب السبق في ولوج هذه الحرب الجديدة، وكلنا نتذكر قصة الجاسوس الروسي الأميركي سنودن.
آن رافيل، العضو السابق بلجنة الانتخابات الاتحادية الأميركية، وهي تتحدث عن منصة مثل «فيسبوك» كانت مسرحاً للعمليات الروسية الأخيرة، تقول: «شركات الإنترنت ربما تحتاج للاستعانة بممارسات تتبعها البنوك للتعرف على هويات زبائنها، وتبادل المعلومات دورياً مع السلطات». أما «فيسبوك» فقالت إنها تقوم «باستثمارات كبيرة» تحسباً لهجمات مستقبلية، وتتعاون مع الأمن الأميركي.
الروس انتبهوا مبكراً لتوظيف «شقاوات» الشباب، وحسّ المغامرة لديهم، وصاروا كتيبة «كوماندوز» روسية عالمية... مثلاً في 2016 فازت جامعة سانت بطرسبرغ بالمركز الأول للمرة الخامسة على التوالي في البرمجيات. وفي حفل لتكريم الطلبة، قال وزير الدفاع الروسي: «يجب علينا العمل مع هؤلاء الشباب بطريقة ما، لأننا نحتاجهم، وبشدة».
نحن في عالم من الأوهام القاتلة حقاً...!

نقلا عن "الشرق الأوسط"