كتابات وآراء


الإثنين - 26 مارس 2018 - الساعة 10:39 م

كُتب بواسطة : محمد فضل مرشد - ارشيف الكاتب




استقالة (عبدالعزيز جباري) من منصب نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة خطوة ذكية بمقياس السياسة اليمنية.. فهناك في اليمن تبنى العلاقات والتحالفات السياسية على مبدأ (الدفع المسبق) وتنتهي عند نفاذه.

(جباري) لم يعلن أمرا مخجلا، فالرجل فقط كلف بنقل رسالة من حكومة اليمن، التي كان يشغل منصب نائب رئيس وزرائها ووزيرا فيها، إلى قيادة التحالف العربي (السعودية – الإمارات)، ومفادها: "لقد نفذ رصيدكم".

لماذا أقدمت حكومة اليمن على هكذا خطوة؟.. سؤال حاول الوزير عبدالعزيز جباري – الذي لم تخطو قدماه خطوة في مبنى وزارة الخدمة المدنية بالعاصمة عدن طوال سنوات تعيينه وزيرا لها – اقناع الرأي العام الداخلي والخارجي بأن جوابه يكمن في الغيرة الوطنية من قبله وحكومته على ما يحدث في الجنوب.

صرخ (جباري) وعيناه تكاد تذرف الدمع رافضا لاحتلال (الإمارات) للجنوب، واحتجازها الرئيس (هادي) في السعودية، وانشائها ورعايتها لمليشيات مسلحة في عدن وحضرموت وشبوة.

ولايزال الجباري يصرخ منذ أسبوع انقضى على استقالته من حكومة اليمن، لكنه أبدا لم يقدم في كل ما قاله عن الإمارات والجنوب والرئيس هادي الإجابة الحقيقية على السؤال بيت القصيد: لماذا أقدمت حكومة اليمن على هكذا خطوة؟!.. وأبدا لن يجيب.

تعتقد حكومة اليمن بذكائها المطلق وغباء الآخرين.. وتتناسى أن استغباء الآخرين هو بعينه قمة الغباء.
تذاكي غبي أوقعها في فضح نفسها بنفسها بتحويل الجنوب إلى (حائط مبكى) يذرف عليه وزيريها (جباري) ومن بعده وزير الدولة المستقيل أيضا (الصيادي) دموع الغيرة الوطنية التي أجرتها على خديهما قسوة الإماراتيين، ولو أنهما تباكيا على (تعز) لربما تعاطف معهما نفر من أبناء الشمال.

عن أي جنوب تتحدث الحكومة اليمنية؟ وهل بكاء الوزيرين المستقيلين على جنوبنا هذا؟ أم يعنيان جنوب السودان أو جنوبا آخر نجهله نحن الجنوبيين المكتوين بنار شرعية الإصلاح والمؤتمر منذ عقود؟!

يا هؤلاء قد كشفتم القناع عن وجوهكم بذات اللحظة التي اعتقدتم فيها بأن ستارة نحيبكم المصطنع على الجنوب ستحجب عن العيون حقيقة مشهد تقافزكم من سفينة الرئيس (هادي) و(التحالف العربي) بعد أن أصبحت في مسار غير مساركم ومعه ينتهي تفيدكم من الحرب.

العيون جميعها في الجنوب العربي، كما في الشمال اليمني، قد أبصرت منذ زمن بعيد حقيقة وجوهكم التي تلونت بألوان قوس قزح جميعها، وتبادلت الأدوار السياسية والمناصب الحكومية جميعها، وهرولت إلى كل تحالف سياسي مربح ثم قفزت من جميعها.

نعرفكم يا هؤلاء حق المعرفة، منذ عهد (صالح) وما أدراك ما عهد صالح، إلى (ثورة التغيير) التي اغتلتموها وذبحتم أحلام وتضحيات شبابها، ومن بعدها تحالف (الوفاق الوطني) الذي أودى باليمن إلى حضن الحوثي، وعلى إثره عقدتم تحالف (السلم والشركة) الذي سلمتم به يمنكم وعاصمتكم صنعاء لسيد مران، ولم تلبثوا أن هرولتم إلى (التحالف العربي) الذي تنقلبون عليه اليوم علنا فيما أنتم منذ التحاقكم بركبه كان دوركم فيه عرقلته، وغدا لن نتفاجئ بتحالفكم مع الدوحة وقد مهدتم لإعلانه ببث بيانات استقالتي الوزيرين جباري والصيادي على شاشة قناة (الجزيرة).

الرئيس (هادي) لا خوف عليه فهو باق رئيسا بإجماع جنوبي وشرعية شعب الجنوب ومؤازرة المجلس الانتقالي وموعده مع وطنه الجنوب وعاصمته عدن قريبا.. والإمارات باقية في الجنوب الذي لا ينقلب على من سانده وسنده حتى استعاد سيادته على أرضه وستبقى الإمارات محتلة دائما وأبدا لقلوب الجنوبيين ما بقي جنوبي واحد، والقوات الجنوبية التي وصفتموها على لسان نائب رئيس وزراء حكومتكم بـ (الميلشيات المسلحة) يكفيها شرفا أنها من حررت أرضها وتقاتل لتحرير شعبكم في الشمال فيما قواتكم بمأرب قد حولت جبهاتها إلى قاعات أعراس.

انقلب السحر على الساحر، والمتدثرون كذبا برداء الشرعية والتحالف العربي هم اليوم من نفذ رصيدهم، ولم يعد لهم مكان قط لا جنوبا ولا شمالا.