كتابات وآراء


الإثنين - 23 يوليه 2018 - الساعة 03:59 م

كُتب بواسطة : الخضر البرهمي - ارشيف الكاتب



الجنون هو قمة الفن والابداع الفكري ، وليس كما يعتقده البعض ، وممالاشك فيه أن الإبداع فعل وجودي يمارس نوعا من التطهير لنفوس اشتعلت جذوة الإبداع في أغوارها ، والارواح تحترق في أتون هذا الوعي الجحيمي الذي يصفه عامة الناس بالخروج عن الواقع المجرد وقلق السؤال يدفعنا إلى أن كل من فقد عقله مجنون بالطريقة التي نتناولها واصبحنا وبادلة دامغة نثبت عكس ذلك !

اذا تأملنا في الذاكرة الثقافية العربية قلما نجد حديثا عن الجنون عند مبدعينا بعكس ماكان عليه في الجاهلية على سبيل المثال عن وادي عبقر ، أوالجن الذي يلهم الشعراء ، ونجد مبدعين أصابهم مس جنون العظمة كمجنون ليلى وهناك ( أنطولوجيا) للشاعرة جمانة حداد ذكرت فيها ( 150 ) شاعرا انتحروا في القرن العشرين من بينهم مثلا الشاعر خليل حاوي ، والشاعران العراقيان ابراهيم زاير وقاسم جبارة وآخرين كثر ٠٠٠

وهناك جنون عقلاني ناتج عن هول الصدمة والتجربة القاسية التي يمر بها العقل ولنا عبرة في مجنون ليلى ( قيس بن الملوح العامري)
عندما تغزل بعشيقته (ليلى بنت سعد) هام ونام في الشوارع والطرقات جنون وفنون لعلة يشم رائحة معشوقته ( ليلى) وانشد وقال :

أراني إذا صليت يممت نحوها **** بوجهي وإن كان المصلى ورائيا

ومابي إشراك ولكن حبها *** وعظم الجوى أعيا الطبيب المداوبا

أحب من الأسماء ما وافق اسمها **** وأشبهه أو كان منه مدانيا

ولكن حيال هذا الجنون المرضي هو بحد ذاته جنون جميل مستحب يثري العملية الابداعية أكثر مما يعرقلها وهو بطبعه يخالف الجاهز والمألوف ويميل لصوفية وعزلة متوحشة ضنا منا بأنه قد اصابه الجنون ٠٠٠ وهو ينسج أجواء من المغايرة والانزياح والاختلاف والغواية والتمرد ، والانتشاء بالذات والوجود داخل عوالم اللاعقل واللاوعي واللانظام ، جنون يحتكم لرؤية عقلانية وكما قيل : ( إن أجمل الأشياء هي التي يقترحها الجنون ويكتبها العقل ) ، ينبغي التموقع والتموضع بينهما بالقرب من الجنون حين نحلم ،، وبالقرب من العقل حين نكتب هذا هو الفن هذا هو الابداع ذاته ٠٠٠٠٠٠
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠