كتابات وآراء


الثلاثاء - 08 يناير 2019 - الساعة 04:53 م

كُتب بواسطة : سـام الغُــباري - ارشيف الكاتب


في مايو ٢٠٠١م جلس الرئيس علي عبدالله صالح على كرسي من الجلد الأسود الفاخر ، شبك أصابعه فوق طاولة براقة من خشب السنديان المصقول وأسند ذقنه إليها ، يسمع بضجر تقرير وزير المالية عن خسائر "التجنيد الإلزامي في اليمن" ،وحوله تناثر اعضاء مجلس الدفاع الوطني . قال الوزير أن التجنيد يكلف الدولة أربعة مليارات ريال وليس له أي نتيجة سوى تكديس مئات الالاف من المراهقين في معسكرات اجبارية . ابتسم وزير الداخلية مُعلقًا : لقد تجاوز العالم هذه الإجراءات المتخلفة ! . تشجع وزير المالية مُضيفًا : يمكننا بهذه المبالغ الضخمة توفير ٦٠ ألف وظيفة للقطاع الحكومي . رُفع الاجتماع بإقرار تعطيل قانون التجنيد والاكتفاء ب "البدل النقدي" ! ، كانت تلك إحدى أخطر قرارات "سوء التقدير" التي وافق عليها "صالح" وما أكثرها .

في الجوار كان تنظيم "الشباب المؤمن" بقيادة حسين بدرالدين الحوثي يجنّد آلاف المراهقين في "معسكرات صيفية" لإحياء ما اسموه "المذهب الزيدي" ، انتشرت المعسكرات في مختلف المدن والقرى الشمالية بموافقة رسمية من الرئيس الذي أوقف في وقت لاحق تمويل تلك المعسكرات عقب اتفاقية الحدود اليمنية السعودية . إلا أنها لم تتوقف .

بعد ثلاثة أعوام ، وجد "صالح" نفسه ملزمًا بخوض حربً ضروس مع أولئك الفتية الذين أوصد عليهم باب التجنيد الإلزامي الوطني وقد فتح حسين الحوثي أبواب معسكراته وعبأ رؤوسهم بضلالات ملازمه وخرافات السُلالة المقدسة ، وأفكار "ثورية" مذهبية تدعو للانتفاض على الحاكم الظالم - ويعني بذلك الرئيس الذي ينتمي إلى الهوية اليمنية - . رغم الحرب والمواجهة المميتة والكُلفة الباهضة لم يُعقد مجلس الدفاع الوطني مرة أخرى للتراجع عن قراره الأحمق .

أصر الحوثيون على مواجهة الدولة بجولات صراع عديدة مُجنِدين فتية جُدد لخوص حروبهم المُنهكة للنظام، كانت تلك فرصتهم في تعبئة جيل ناشىء لا يعني له الولاء الوطني شيئًا ، عمد الحوثيون المستترون في أجهزة الدولة على اضعافها ، وتسرب آلاف الفتية الذين أسرتهم حكايا الموت النازف في صعدة إلى معاقل الإرهاب السُلالي مُصدّرين قذائفهم الحارقة إلى القلب اليمني ، كتب الاعلاميون المتواطئون عن الحوثي سطور غواية بددت شرف محاربته في أعين الناس الذين أكلتهم الحيرة ، وجاء الربيع بقرنيه وقد تمكن الحوثيون من محافظة كاملة وشُرعت الأبواب لدخولهم عالم الثورة نكاية في رئيس تشوهت مقاصده لأسباب كثيرة . حتى سقط النظام واشتوى صالح في مسجد مفخخ بالغاز . ثم قرر التنازل وأعد خطته للإنتقام . قائلًا بحسم : سأُسلح الحوثيين ! ، فعل ذلك من "مخزونه" الذي كان يفاخر به لمواجهة "العدو الافتراضي" القادم من وراء الحدود ، إلا أن "العدو الحقيقي" كان حوله يصفق لعبوره الأخير في صراط الهلاك .

سأهتف من على بُعد عشرة أحياء من سكن الرئيس هادي المؤقت في الرياض المسكونة بالبرد والفن والدهشة برجاء إعادة تفعيل قانون التجنيد الالزامي للمتخرجين الجُدد ، تعبئتهم بالهوية الوطنية ، عشقهم لليمن والجمهورية والعروبة والإسلام ، تثقيفهم عن صراع اليوم ، جعلهم جزءًا من معسكر الدفاع عن الوطن ، ذخيرة حية وناطقة في مواجهة الكهنوت السُلالي النشط ومآلاته المميتة . يجب أن يذهبوا إلى المعسكرات يا فخامة الرئيس قبل أن تتخطفهم غربان الويل وتأكل من رؤوسهم .
..
سأظل أهتف بذلك .. اهتفوا معي أيضًا

وإلى لقاء يتجدد