كتابات وآراء


الجمعة - 18 يناير 2019 - الساعة 05:45 م

كُتب بواسطة : علي ثابت القضيبي - ارشيف الكاتب




بالأمس زار نائب وزير الدّاخلية التركي - إسماعيل جكتلا - عدن ، وهذه ثالث زيارة تركية للبلاد خلال أسابيع ! في الزيارة إلتقى جكتلا برئيس الوزراء معين عبدالملك ونائبهِ ووزير الدّاخلية أحمد الميسري في لقائين منفصلين ، مع أنّ تركيا تُصَنّف بأنها من خصوم التّحالف ، وايضاً هي حليفٌ ويثيقٌ لقطر وإيران ، والوجود التركي يأتي هنا بزعمِ تقديم العون لليمن المنكوب بالحربِ ، وهنا يُفترضُ حضور مسؤولٌ تركيٌ ٱخر غير نائب وزير الداخلية ومن في دائرتهِ ..

نعرفُ جميعاً طبيعة الحضور مؤخراً في أي منطقة شرق أوسطية ، وأبرزُ تجليات ذلك في ليبيا الملتهبة ، فهي لاتحضرُ هناك إلا بشحنات الموت والسلاح وتأجيج المزيد من الدّمار ! حتى هنا في اليمن ، إذْ لاأعتقد أنّ ذاكرتنا مثقوبةٌ وقد تناست شحنات المسدسات المتكررة التي تمّ ضبطها ، بما فيها المسدسات الكاتمة للصوت التي تمّت بها عِدّة جرائم إغتيال ذائعة هنا في الجنوب ، وماأنفكّت .. والأهمّ من كل ذلك علينا أن لانغفل التّصريح النّاري للرئيس التركي مؤخراً عندما قال : ( لن نقف صامتين أمام ماترتكبهُ المملكة في اليمن .. ) وهذا للتذكير وحسب ..

لايغيب عن أذهاننا مطلقاً أنّ تركيا هي مأوىً للقادة الإصلاحيين / الأخوان اليوم ، وهُم فرحون بهذا الحضور التركي هنا ، وبالقطعِ ايضاً هُمُ الضّاغطون على القبولِ بهذا التّواجد ، وذلك بإعتبارهم الفاعلين الحقيقيين في لفيفِ هذه السلطة الشّرعية ومَن يفرض قراراتها - حتّى على الرّئيسِ ذاتهِ - لكنّ اللافت هنا هو ماموقف دول التّحالف من هذا الحضور التركي ، أو ماذا في جعبتهم لتحجيم دورهِ أو حَصرهِ في إطار المُعلَن عنه لدراسة الإحتياجات الإنسانية كما يُسَوقون ؟!

من ناحيةٍ بروتوكولية أو ديبلوماسيةٍ ، من الطّبيعي أنّه من غير المنطقي رفض مثل هذا الحضور أو الإعتذار عنه ، وإن جاء بصيغتهِ الأمنية الإستخبارية ممثلاً بنائب وزير الدّاخلية جكتلا ، مع أن الإعلان التركي للحضور كما قُلنا يتحدّث عن دعم الحاجات الإنسانية للبلاد وحسب ! ولكن في ظل ضغوط اللوبي الإصلاحي / الإخواني في السلطة الشّرعية ، وهو الّذي أثبت تغولاً مُحْكَمَاً في توجيهِ دِفّةِ قرار السلطة الشّرعية .. وبحسب كل المعطيات الظّاهرة للأحداث على الخارطة اليمنيّة ، كلٌ ذلك يُرجحُ التّعويل الإصلاحي على المزيدِ من المُمْكنات المُرَجحة للكفّةِ الإصلاحيّة بالهيمنة المطلقة على كلٌ البلاد ، وإن جاء هذا على شكل المزيد من عوامل الإحتراب الدّاخلي على الطّريقة الليبية والسورية ، وهذا هو غاية حزب الإصلاح / الإخوان هنا ولاشك ، بل هي رسالتهم في كل الدٌول التي تواجدوا فيها ..

أعجبتني كثيراً التّغريدة الموفّقة التي أطلقها أخي الكاتب الجنوبي الرّائع أحمد عمر بن فريد عندما قال : ( لا أعتقد أنّ تركيا أتت لتُوزّع الهدايا على الجنوب بِقَدر ماهي معْنيّة بترسيخ وجود حلفائها الأخونجيّه .. ) وهذا طرح دقيقٍ ولاشك ، وفعلاً قد سبق لدوائر حقوقية يمنيّة أن إتّهمت تركيا بإعتماد معايير أيديولوجيّة وحزبيّة في تصريف مساعداتها هنا ، وذلك في إشارةٍ جليّةٍ لتسليمها لشخصيّاتٍ محسوبة على الإصلاح حصراً ، وهذا يتماهى مع نفس الأداء القطري بالضّبط ، ونعرف جميعاً أهداف ذلك وتبعاته ولاشك .

لنلاحظ بدقةٍ هنا ، أنّ هذه الزيارات التركية المتلاحقة واللافتة لبلادنا قد تزامنت مع التّقارب السعودي / الأماراتي مع سوريا بفتح السّفارات بعد خصومة طويلة معلنة ، وهذا شأنٌ عربي ، كما وتزامنت في الوقت عينه مع الأزمة المتصاعدة بين الرياض وأنقره ، والأهم أنّه يمكننا أن نلاحظ التّحذيرات اليمنيّة المتكررة بصدد هذه الزيارات ، وأبرزها ماصرّح به مصدر يمني رفيع عندما اكّد : ( إنّ حكومة معين عبدالملك ستكون إزاء تبعات ثقيلة إذا فتحت الباب لتركيا ومساعداتها على التّمكين بدورها ( المشبوه ) في اليمن ، ولاتعليق هنا ..

أيّاً كان ، فهذه الأرض لاتنقصها مفاعيل القلق والإحتراب ، كما وأوهام إستعادة أمجاد الخلافة التركية التي يقرع نواقيسها الدّعي أردوغان لاتُخفى على أحد ، وهو أعلن مراراً وبصوتٍ عالٍ ايضاً ، لذلك تأتي الرّغبة التركية بإقحام أدواتها في أرضنا مُحَمّلةً بكل الشكوك والشبهات الجليّة ولاشك ، وهو مايستدعي من كل القوى الفاعلة - على الأقل في جنوبنا - كالمجلس الإنتقالي الجنوبي والحراك والمقاومة الجنوبية الأصيلة .. الخ - وقبل كلٌ هؤلاء قادة التّحالف العربي من أخذ كلٌ سُبُل الحيطة والتّصدي لهذا التواجد التركي المشبوه ، فهو لايحملُ إلّا تغذيةِ وإعادة الصورة السورية والليبية بنسختها السوداوية الدموية على أرضنا .. ومن عاش خَبّرْ .