كتابات وآراء


الثلاثاء - 05 مارس 2019 - الساعة 01:01 م

كُتب بواسطة : نبيل الصوفي - ارشيف الكاتب




تعرفوا الفرق بين عدن وتعز وصنعاء ومأرب؟
عدن داخلها مجتمع انتصر في معركته الرئيسية قبل ثلاث سنوات..
وكان يريد الانتقال خطوة للأمام، بنفس الحماس..
لاقامة دولة جديدة تنسيه عشرين سنة على الأقل من اللوك السياسي وصراعات الاطراف العابثة.
دولة بلا شمال مركزي، ولا جنوب مشتت، دولة بلامناطقية ولا طائفية..
دولة تحت علم دولته التي كانت مهما بلغت صراعاتها السياسية فانها تبقى صراعات في الزمن الحاضر، مايتوقع واحد يجي محمل بغبار الصراع في سقيفة بني ساعده..
كانت عدن تحلم بدولة بلا مؤتمر ولا اصلاح ولا اشتراكي..
دولة بلاعلي عبدالله صالح ولا هادي ولا محسن..
وصول القوات الاماراتية بالنسبة للمواطن في عدن، رفع سقف امالهم الى السماء..
توقعوا ان يتم غسل المدينة وقلوب ابنائها من ادران قرن من الزمان..
في النهاية هذه دولة محترمة ولاتقيم وزنا للسياسيين وحتى الاعلاميين اللي رزقهم كلام لمجرد الكلام في خدمة السياسيين، ماله وجود في قاموسها، عادها دولة بلا اعلام سياسي الى اليوم.
كان تحالف علي عبدالله صالح والحوثي، يقطع الامل نهائيا بالشمال لدى الجنوب.. فالشمال اذا صف واحد وكل واحد تاليا باينام على الشطر اللي يريحه.
تحررت عدن وتحرر الجنوب كله، واقام التطرف والارهاب دولا صغيرة له في كل شارع وقتل اول رجال قال: انا من عدن وعدن مني، جعفر المحافظ المؤمن بعدن.. وبقي هادي مسلطا على رقاب التحرر فدخل عيدروس الزبيدي الى جانب السلفيين الذين صمدوا يوم هرب هادي وكل دولته.
وبدأت عدن تتعرف كل يوم على ملامح جديدة، حاول هادي والاصلاح العودة الى عدن كما لو أنهم في 94.. لم يغيروا شيء من وجوههم وخطابهم..
لم يستشعروا أي تغير.. ووجدت عدن نفسها في صراعات هي في غنى عنها..
تتحرر من دولة 94 وتحتكم لها.. تغضب من الشمالي فتؤذيه مرة ثم تعود لتأويه ألف مرة.
هنا ضلعي.. هذا يافعي، ذاك من أبين، وعاد الشحري في كل دكاكينها.
هذا صلوي، وذاك هندي، ومن الصومال جاء ذاك.
من عمران.. من حجة، من صنعاء، وهذا الغرباني جاء من اطراف صعده.
تهامة في كل أزقتها.. شبوة وإب وتعز..
مواطنين، مصلحتهم في السلامة والسكينة، وحولهم جبهات حرب يستقطبها الحوثي ليل نهار..
لكن الاطراف السياسية معركتها أخرى، هي معنية بماكان وماتحلم هي به، لاعلاقة لها بالناس ولا بالمدينة.
كافحتهم عدن بدعم كبير من جيش الامارات، هو أهم من عطايا الهلال.. الناس تأمن بوجود طرف عاقل يقول لكل اطفال الصراعات، دعوا الناس وشأنهم.. دعوا الناس تتعافى من ماضيكم الرزي.
وبعدها سيبحث الناس لهم عم رزقهم ودوائهم.

استقرت شوارع عدن، سرت انا في هذه الشوارع التي كنت اكتب عنها كدول للمسلحين، وسمعت هنا كانت نقطة فلان.. هذه كانت معركة أبو علان..
وخلال عامين، كانت عدن قد ادركت مخاطر لم تكن في الحسبان.. الاخوان وهادي والحوثي ليسوا ضد انفصالها، كل منهم قد انفصل عنها وانتهى.
صارت مأرب دولة، وصنعاء دولة، لكنهم يريدون أن تكون عدن هي من تحمل رايتهم..
هدأت حروب الشوارع، لو تقاس الجرائم التي تشهدها عدن بمايحيط بها من جبهات وبماتتقاطع فيها من صراعات.. لقلنا أنها الأم التي يؤذيها عيال السوق وهي كل جهدها اطعام هذا وايواء ذاك وتطبيب يد من كان يوجعها بالامس..
عدن التي تعيش في حرب عدوانية ضدها من مائة سنة وأكثر.. كل طرف منا سقاها المر مرة على الأقل..
عدن كانما هي مريم العذراء، تهز جذع النخلة موجوعة تستقطب رزق المولى، ويقف أمامها شذاد الافاق الافاكين يقولون لها "ماكان ابوك امرئ سوء وماكانت أمك بغيا"..
يتهمون بكل القذارات التي تتالى عليها من قرن من الزمان، وحين يوجعوها تقول كمريم "ليتني مت وكنت نسيا منسيا"، لكنها تعود بعد ذلك، فمريم واحدة وعدن ألف مريم..
هي تختبر كل من يدعي أنه ضد التخلف والفساد والارهاب، متى سيتحرر من وجود هذه الصفات المعشعشة في عقله ويرى عدن بعينه هو لابعين خصومها.
هي فقط تتعافى، أما أهلها فلايزال أملهم بيوم لايكون احدا منا صناع الشرور في محيطها..
فلاتتكئوا على مروئتها فلولا انها هي معنية بكم لانها مدينة الله وروحه، لقالت لكم: أف لكم ولما تدعون، واغلقت بابها دونكم فنحن لسنا في 90.. ولا حتى في 2011.
جئت من المخا قلقا فمنحتني اليوم عدن بعض الأمان..