كتابات وآراء


الثلاثاء - 29 ديسمبر 2020 - الساعة 06:06 م

كُتب بواسطة : عيدروس النقيب - ارشيف الكاتب



قبل الدخول في تفاصيل موضوع اليوم أسجل كل التقدير والاحترام للجهود الخرافية التي تقوم بها أجهزة الأمن في عدن بشرطتها وحزامها الأمني وجهاز مكافحة الإرهاب وغيرها ومعها أجهزة الأمن في لحج وأبين والضالع، كمحافظات مجاورة، وما حققته من نجاحات في إخراج عدن من ذلك الوضع الكارثي الذي كانت عليه صبيحة يوم 17 يوليو 2015م يوم مغادرة قوات التحالف الانقلابي لعدن والجنوب وما تلاه من أسابيع وشهور، فكل هذه الجهود والنجاحات لا ينكرها إلا جاحد أو موتور.
ومع ذلك فإن ظاهرة أو ظاهرتين غريبتين يمكن أن تفسدا آلاف النجاحات التي يمكن المفاخرة بها، وقد تناول الكثيرون ما يحصل هنا أو هناك من ظواهر بسط على الأراضي، أو إشهار السلاح على أحد المواطنين، أو سوء التصرف مع حالات ربما لا يكون أصحابها حتى محقين في ردود أفعالهم مع رجال الأمن، لكن التصرف يفوق حجم الخطأ، وغيرها من الممارسات التي تتم من قبل رجال محسوبين حقا أو باطلا على أجهزة الأمن.
وإزاء هذه الظواهر فإننا بحاجة إلى أمرين:
الأول: التخلص من ثقافة الهنجمة والاستعلاء التي غرسها نظام 7/7 لدى بعض الأفراد والقادة، والتي فحواها الاعتقاد أن رجل الأمن فوق المواطن وأنه يستطيع أن يتعسف أو يقهر المواطن أو يعتقله أو يؤذيه أو حتى يشهر السلاح في وجهه، وهي ثقافة غريبة وممقوتة في مجتمعنا وتاريخنا الجنوبي ولمن لا يزال يعتقد هذا الاعتقاد أُذَكِّر ومعي بعض أبناء جيلي أن قانون العقوبات الجنوبي كان ينص بالذات على إن إشهار السلاح في وجه أحد يعد شروعاً في القتل مع سبق الإصرار، وعقوبته مشددة لا تبتعد كثيراً عن عقوبة القتل العمدي.
الثاني: إن الجنوب الجديد بحاجة إلى جهاز أمني جديد بأخلاقيات جديدة وثقافة أمنية جديدة وسلوك وممارسات جديدة، ومختلفة عن موروثات ما قبل 2015م وعلى من يعمل في جهاز الأمن أن يعلم أنه خادمٌ لدى المواطن لا متسلطاً عليه، وأن خطأ المواطن في حق رجل الأمن يمكن تفهمه، وهذا لا يعني إعفاء المواطن المخطئ من تبعات الخطأ، لكن رجل الأمن لا يحق له أن يخطئ في حق المواطن، لسبب بسيط أن رجل الأمن لديه القانون ويستطيع أن يحاسب المخطئ في حقه عن طريق القانون وليس عن طريق الهنجمة واستعراض العضلات أو من خلال الاستعلاء والاستقواء بالبندقية التي لها وظيفة أخرى ليست بالتأكيد قمع وإرهاب المواطن، أما المواطن فعندما يتعرض للاعتداء فليس لديه ملاذٌ يلجأ إليه طالما ظل القانون غائبا والمحاسبة والمساءلة غائبتين وجهازا القضاء والادعاء العام معطلين.
ومن هنا فإنني أدعو قيادة الحزام الأمني ومعها قيادات كل الأجهزة الأمني في عدن وكل محافظات الجنوب إلى الآتي:
1. تحريم خروج رجال الأمن مسلحين في غير وقت دوامهم.
2. منع رجال الأمن من الذهاب للدوام بالملابس المدنية حتى يستطيع المواطن تمييز رجل الأمن عن غيره.
3. إلزام رجل الأمن باصطحاب بطاقة هويته الأمنية أثناء العمل فهي التي تثبت وظيفته وموقعه واسمه، لأن هذا سيمنع كل من لديه بندقية من أن يتقمص دور رجل الأمن ويرتكب ما شاء من الجرائم.
4. إلزام رجال الأمن بإبراز هذه البطاقة عند الاضطرار إلى التعامل مع المواطن مخطئاً كان أو مخالفاً أو مشاغباً أو حتى في حالة التفتيش العادي والتعامل الروتيني.
5. إقامة دورات تثقيفية وتربوية لتعليم رجل الأمن واجباته وأخلاقيات المهنة وتنمية روح المسؤولية والانتماء إلى الشعب وأبنائه لديه، وحمايته من العشوائية والمزاجية والتهور والطيش ومن أخطاء نفسه في حق نفسه وحق الآخرين.
كتبت هذا في ضوء العديد من الرسائل والاتصالات التي تلقيتها والأخبار والمقالات والمنشورات على شبكة التواصل الاجتماعي التي يشكو أصحابها سوء تصرف بعض رجال الأمن، في الأحياء ومناطق المخططات السكنية كما في الطرق والنقاط الأمنية، وكان آخرها ما جرى مع الناشط الإعلامي الجنوبي محمد بن علي الكلدي، يوم أمس (السبت 26/12/2020م) في جولة القاهرة التي أترك تفاصيلها في ملحق خاص سأبعثه لقائد الحزام الأمني بمحافظة عدن، مع معرفتي ومتابعتي للنشاط الإعلامي لمحمد الكلدي التي يبين أنه من أبرز الإعلاميين المدافعين عن الجنوب وقضيته وظل يتنقل بكاميرته وقلمه وجهاز اللابتوب بين العديد من جبهات المواجهه مع أعداء الجنوب برفقة الجنود والضباط الأبطال.
أتطلع إلى اليوم الذي يكون رجل الأمن الجنوبي نموذجا لإخلاقيات الآباء والأجداد الذين كانوا يرون أن وظيفتهم خدمة الناس وحماية أرواحهم ودماءهم وكرامتهم وحرياتهم.