الشأن العربي

الأربعاء - 25 أبريل 2018 - الساعة 04:47 م بتوقيت اليمن ،،،

المرصد/ارم نيوز

قرأت الأوساط السياسية والإعلامية العربية في الصمت القطري الرسمي، وعدم التعليق المباشر على ما قاله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، يوم أمس، عن الثمن الذي سيدفعه النظام القطري مقابل استمرار وجود الحماية الأمريكية المتمثلة بقاعدة العديد العسكرية، بأنه “صمت الإقرار بدقة المعلومات”.

وكان الجبير قال، إنه “يجب على قطر أن تدفع ثمن وجود القوات العسكرية الأمريكية في سوريا، وأن تقوم بإرسال قواتها العسكرية إلى هناك، وذلك قبل أن يلغي الرئيس الأمريكي الحماية الأمريكية لدولة قطر، والمتمثلة بوجود القاعدة العسكرية الأمريكية على أراضيها ” .

الصمت القطري الرسمي

لا وزير الخارجية ولا وزير الدفاع القطري، ولا الديوان الأميري في الدوحة حاولوا الرد والتعقيب كالعادة، على حديث الجبير، تاركين الموضوع هذه المرة لقناة الجزيرة وعدد من الصحف الممولة من قطر، لتتولى التعقيب والمتابعة.

وكان ملفتًا للأوساط السياسية والإعلامية، أن هذه التعقيبات انحصرت في ملاحظتين: الأولى عرضتها الجزيرة وركزت فيها على القول إن “الجبير يؤول أقوال ترامب”، والثانية نشرتها أذرع إعلامية أخرى “أوّلت” حديث الجبير بأنه تهديد باحتلال قطر.

التزام أمير قطر لترامب

وفي واشنطن، قرأ الوسط الدبلوماسي والإعلامي في الصمت القطري عن كلام الجبير ملاحظتين:

الأولى إقرار ضمني من الدوحة بأن ما قاله وزير الخارجية السعودي هو “معلومات” دقيقة يعرفها الذين تابعوا ما التزم به أمير قطر الشيخ تميم بن حمد في لقائه مع الرئيس ترامب بالعاشر من الشهر الحالي، وما سمعه تميم أثناء لقائه بوزير الدفاع ومستشار الأمن القومي الأمريكي.

وفي الذي تسرب يومها من معلومات تجنب بيان البيت الأبيض الإشارة لها؛ منعًا لإحراج تميم، وهو أن قطر وافقت على أن تشارك وتمول القوات التي ستحلّ محل القوات الأمريكية بسوريا، وأن تقبل تعديل اتفاقية قاعدة العديد بأن تتحمل نفقاتها بالكامل.

وسجلت هذه الأوساط الدبلوماسية أن الرئيس ترامب أكد هذه المعلومات في مؤتمره الصحفي المشترك مع الرئيس الفرنسي، عندما قال إن هذا الموضوع كان محل بحث (مع أمير قطر)، مكررًا إشاراته السابقة بأنه بدون تلك الموافقة (من طرف قطر)، فإن النظام في الدوحة سيسقط وسيضطر أمير قطر للمغادرة بطائرة هليكوبتر.

“الصفقة الشاملة” في الشرق الأوسط

الملاحظة التفسيرية الثانية للصمت القطري الرسمي عما قاله عادل الجبير، هي المعلومات والتفاصيل الأخرى التي وردت في مؤتمر ترامب – ماكرون، بخصوص “الصفقة الشاملة” في الشرق الأوسط والتي لن تستطيع معها قطر هذه المرة أن تناور أو تتهرب من الالتزامات الدولية والإقليمية بمواجهة الإرهاب وايران كرزمة متكاملة.

لذلك كان الرأي بأن الصمت القطري هو أقرب لـ “صدمة الذهول” مما سيترتب على الدوحة من التزامات بفك تحالفها مع إيران، ما ظهر منها وما بطن، مع محاسبة جدية يومية على السلوكيات الإعلامية والسياسية التي تروج للتطرف وللتحشيد مع ايران في اليمن وسوريا.

فما جاء في التسجيل الصحفي الحرفي الذي بثّه البيت الأبيض عن مؤتمر ترامب/ماكرون، يتضمن ليس فقط ما أشار إليه عادل الجبير، وإنما برنامج عمل دولي بشأن الشرق الأوسط سيجري بحثه أيضًا، يوم الجمعة القادم، مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، كما ستجري مناقشته لاحقًا مع روسيا.

كلاهما، الرئيسان الأمريكي والفرنسي، تحدثا بإسهاب عما أسماه ترامب “الصفقة الشاملة”، وأسماه ماكرون “البرنامج الإطاري” أو “الصفقة الكبيرة”.

وفي هذه المنظومة الجديدة من العمل الدولي والإقليمي، فإن الوضع في سوريا هو مجرد واحدة من أربعة أعمدة (حسب وصف ماكرون)، سيتم فيها تحجيم واحتواء إيران، ومحاربة الإرهاب. العمود الرابع من هذه المنظومة هو مواجهة إيران في كل من سوريا واليمن والعراق، وهي مهمة يعرف النظام القطري أنها تتطلب منه أن يفك تحالفه مع طهران، وأن يلتزم بمحاربة الإرهاب، ماليًا وإعلاميًا وسياسيًا، على نحو لم يعد يقبل المراوغة والازدواجية، كما حصل قبل أسبوعين عندما احتضن رئيس الوزراء القطري أحد كبار المطلوبين دوليًا والمدرجين كإرهابيين.

تأكيد لصحة مطالب دول المقاطعة

وتخرج أوساط المتابعة في تفسيرها للصمت القطري الرسمي عن تصريحات الجبير، إلى القول إن الدوحة تعرف قبل غيرها أن ما قاله الجبير هو معلومات من بعض ما أقرّ به أمير قطر في لقائه الأخير مع ترامب، وأن ما تم الاتفاق عليه في القمة الأمريكية الفرنسية بخصوص “البرنامج الإطاري أو الصفقة الشاملة” في الشرق الأوسط، لمواجهة إيران ومكافحة الإرهاب يعني أن المطالب الـ 13 لدول المقاطعة العربية صحيحة مستحقة، وأن قطر وصلت الآن إلى الحائط الذي يجبرها على أن تعيد النظر في نهجها، وأن تتوقف عن المراوغة.