تحليلات سياسية

الأحد - 13 مايو 2018 - الساعة 06:33 م بتوقيت اليمن ،،،

(المرصد) خاص:


في عالم مترابط بكل اجزائه وتدور فيه معارك الاستقطابات كما تدور فيه معارك "الوكالات"، نضع بين يدي القارئ "مقطعا تشريحي" لمعركة من تلك المعارك، هي "معركة القرن الافريقي وخليج عدن"، امتدادا الى المحيط الهندي والبحر الاحمر، بما فيهما من مضائق وجزر وبمن عليهما من دول "الضفاف" الشمالية والجنوبية.
يمكن شرح الأمر دون تفصيل بخطوط عريضة كالتالي:
1) هناك حلف قطري تركي ايراني ازداد التنسيق فيما بينه بعد طرد قطر من التحالف العربي ومعاقبتها بسبب دعمها للإرهاب، وهذا الحلف هو الراعي لجماعات الاسلام السياسي، بشقيها السني والشيعي (الاخوان بكل فروعهم والجماعات الشيعية من حزب الله الى الحوثيين الى حركة امل وحزب الله الكويتي والحركات الشيعية في البحرين وكل الدول العربية) وهو يخوض معارك ساخنة وباردة واستخبارية وعسكرية ضد التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ومصر على كل المستويات، ويريد اطالة الحروب في لبنان وفي اليمن وفي غيرها من البقاع خدمة لأجنداته (اجندات ايران وتركيا وقطر).
2) قبل اشهر تحركت المملكة السعودية والامارات والتحالف العربي ككل لسد ثغرات تهرب منها الاسلحة لاسيما في الساحل الغربي والحديدة تحديدا وفي المهرة والسواحل الجنوبية القريبة منها كذلك ولسد تهريب البشر المقاتلين كذلك من الجماعات المسلحة في القرن الافريقي عبر الصومال، ونجح العمل في المهرة وفي الساحل الغربي الذي حرر وتدور فيه معارك اصبحت قريبة من الحديدة وهي المنطقة التي تدخل منها الصواريخ البالستية للحوثيين حلفاء ايران بينما تدخل من المهرة والسواحل الذخائر والبشر.
3) عقب تلك النجاحات زار الرئيس التركي دولة السودان ووقع على مشاريع بالمليارات وشرعت تركيا في بناء قاعدة عسكرية لها هناك، كما ضمن عملا سياسيا حرا لجماعات الاخوان في النخبة السياسية الحاكمة بالسودان، وهو ما دفع حركة برلمانية سودانية الى الضغط على الحكومة لسحب القوات السودانية المشاركة في عمليات التحالف العربي باليمن.
4) دفعت قطر ملايين الدولارات للرئيس الصومالي الذي عين مدير مكتب قناة (الجزيرة) فهد محسن مديرا للقصر الرئاسي الصومالي، حسب وكالة انباء الصومال الرسمية، واصبح محسن يدير العمل السياسي في الصومال بأموال قطر، وقامت الحكومة الصومالية الموالية لقطر بفسخ عقود رسمية تجارية مع الامارات وشنت حملة ضدها في الصومال.
5) قامت جماعة الاخوان المسلمين في اليمن والتي تدير الحكومة بزيارة الى سقطرى وافتعال ازمة مع القوات الاماراتية وقوات التحالف رافقتها حملة اعلامية كبرى ضد الامارات من اعلام الاخوان والاعلام الممول من قطر وتركيا وايران والغرض ابعاد قوات التحالف العربي من الجزيرة الجنوبية لضمان عودة تدفق المقاتلين والاسلحة الى سقطرى من السواحل الصومالية ثم الى سواحل شبوة وابين وحضرموت والمهرة وبعد ذلك دخولهم الى معارك الحوثيين او ضد القوات الجنوبية مع الجماعات الارهابية حتى تطول معارك التحالف مع الحوثيين خدمة لإيران وتحالف (قطر تركيا ايران).

المعارك الإقليمية
بعد تحركات التحالف العربي في المهرة والساحل الغربي  بشهر وتحديدا في 24/12/2017 بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة رسمية للسودان استمرت ثلاثة أيام هي الأولى لرئيس تركي منذ استقلال السودان عام 1956.
وقال مسؤولون سودانيون إنه من المقرر أن يرتفع حجم الاستثمارات التركية والتبادل التجاري إلى أكثر من سبعة مليارات دولار عقب هذه الزيارة.
من جهته، قال مراسل قناة (الجزيرة) أحمد الرهيد إن الرئيس التركي حظي باستقبال رسمي وشعبي، وإن الرئيسين سيوقعان اتفاقية التعاون الاستراتيجي، مشيرا إلى أن معظم الاتفاقيات الأخرى التي ستوقع ذات طابع اقتصادي تغطي الزارعة والتعدين والاستثمار والصناعة.
وأضاف أن زيارة أردوغان توصف في السودان بالتاريخية، وبأنها تتويج للعلاقة السياسية بين البلدين التي توطدت في الفترة الأخيرة، وهو ما يدفع متابعين إلى القول إنه ربما حان الوقت كي يستفيد السودان من تجربة تركيا العضو في مجموعة العشرين.
وقال مراسل (الجزيرة) إن الرئيس التركي سيلقي في وقت لاحق (يومها) خطابا في البرلمان السوداني عقب المحادثات مع نظيره السوداني، ثم يزور ولاية البحر الأحمر لافتتاح منشآت تعود للعهد العثماني رممتها تركيا.
(الجزيرة) القناة القطرية التي تعتبر صوت الاخوان المسلمين صنعت من زيارة اردوغان للسودان تلك حدثا عالميا من اجل الترويج للقادم.
وفي منتصف 2017 م عين الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو مدير مكتب قناة (الجزيرة) القطرية فهد ياسين حاجي طاهر مديرا عاما للقصر الرئاسي في العاصمة مقديشو، خلفا لأبي بكر طاهر عثمان الذي كان في هذا المنصب لنحو ثلاثة أشهر، وكان فهد ياسين قد عمل مراسلا ثم مديرا لمكتب قناة الجزيرة القطرية في مقديشو قبل عشر سنوات، كما عمل باحثا أكاديميا في مركز الجزيرة للدراسات ومقره الدوحة، وكان مديرا لحملة انتخاب الرئيس الحالي محمد عبد الله فرماجو.
وفهد ياسين حاجي طاهر، عميل قطر الأول في الصومال وحامل حقائب أموال نظام الدوحة إلى الجماعات الإرهابية، بدأ حياته عضواً ناشطاً في جماعة �الاعتصام� السلفية الجهادية، ثم التحق بجماعة الإخوان.
أقام علاقات قوية مع يوسف القرضاوي، ليكون بعد ذلك وسيط التمويلات بين نظام الدوحة والجماعات الإرهابية في الصومال، قبل أن يصبح رئيساً لديوان الرئاسة في مقديشو في مايو 2017.
وفهد الذي يتحدر من قبيلة �أوحسن كليوين�، وهي قبيلة صغيرة تقطن على الحدود مع أثيوبيا ولها امتدادها داخل التراب الإثيوبي، عمل في قطاع الإعلام، وتحديداً في موقع �صومال توك� قبل أن يلتحق بقناة �الجزيرة� ليعمل مراسلاً لها في الصومال، من هناك تمتنت علاقاته بالمخابرات القطرية التي جندته عبر مكتب القرضاوي.
وفي 2013 أصبح رئيساً لمكتب مركز �الجزيرة� للدراسات في شرق أفريقيا، إلى جانب إدارته للقصر الرئاسي، ما جعل المراقبين يصفونه بأنه الشخص الأكثر تأثيراً في الساحة السياسية الصومالية في الوقت الحالي، ومنفذ سياسات نظام الدوحة في البلاد.
وقالت تقارير صحفية صومالية إن حاج طاهر، تحول إلى حافظ ملفات الحكومة الصومالية وأسرارها وهو يقبع داخل القصر الرئاسي، ومن هناك يسافر ويجتمع مع مسؤولين قطريين بدون أي إعلان من الحكومة، مشيرة إلى انه حصل على أموال قطرية طائلة وحولها إلى قنصل الصومال في نيروبي سياد شري ليحول هذا الأخير المبالغ إلى الرئيس وعدد من النواب في البرلمان، كـ(رشاوى) بهدف الإطاحة برئيس الوزراء.

التخابر مع الدوحة
ومنذ تعيينه مديراً عاماً للقصر الرئاسي، ظل حاجي طاهر يتردد على قطر، الأمر الذي حدا بالصحافة الصومالية إلى انتقاده بشدة، واتهامه صراحة بالعمالة والتخابر لصالح الدوحة.
وكشفت التقارير الإعلامية عن معلومات تورط ياسين في مخطط تخريبي قطري تركي إيراني يهدف لتأسيس حركة مسلحة تتبع فرع تنظيم الإخوان الإرهابي ويسير على خطى حركتي حماس وحزب الله.
وفي هذا السياق، تساءل موقع �الصومال اليوم�: �هل تحولت بلادنا إلى رقعة شطرنج للنظام القطري؟ وهل فهد ياسين حاجي طاهر بيدق دولة قطر تحركه حيث تشاء؟.
إن الكشف عن حقيقة هذا الرجل، واجب قومي وتسليط الضوء عليه وعلى ابن عمه فارح توباز حاجة وطنية ملحة، وعلى رجال أمننا وشعبنا متابعة تحركاتهما لنعرف حقيقتهما. لن تكون الصومال زريبة لدولة قطر وإخوانها الإرهابيين العملاء لها�.

دعوى قضائية
وفي يناير الماضي، رفع حزب ودجر الصومالي دعوى قضائية ضد النائب العام أحمد علي طاهر ومدير القصر الرئاسي فهد ياسين إلى محكمة محافظة بنادر في مقديشو. واتهم رئيس حزب ودجر كمال غوتاله في مؤتمر صحفي عقده في مقديشو المسؤولين بالضلوع في هجوم تعرض له مقر الحزب في 17 ديسمبر الماضي، ما أسفر عن إصابة واعتقال السياسي المعارض عبدالرحمن عبدالشكور وقتل خمسة من حراسه.
وقال غوتاله إن القضية التي رفعها الحزب إلى المحكمة تدين النائب العام أحمد علي طاهر بتسهيل محاولة اغتيال ضد رئاسة الحزب، مشيراً إلى أنه منح وكالة الأمن والاستخبارات الضوء الأخضر للهجوم على مقر الحزب، على حد تعبيره.
وكانت صحيفة �سونا تايمز� الصومالية كشفت في وقت سابق عن الادوار التي يلعبها فهد ياسين وقالت ان المسؤول الصومالي المرتبط بالتنظيمات الارهابية عقد اجتماعاً سرياً مؤخراً في تركيا شارك فيه ضباط استخبارات قطريون وإيرانيون وممثلون لجماعة حزب الله اللبنانية، وذلك بهدف تشكيل جماعة إرهابية في الصومال تتبع فرع جماعة �الإخوان� الإرهابيين في هذا البلد، وتمضي على درب حزب الله.
وأوضحت الصحيفة أن أجهزة استخبارات غربية كشفت عن هذا الاجتماع وأبلغت دبلوماسيين غربيين بتفاصيل الاجتماع الذي جرى خلاله أيضاً تكليف فهد ياسين، بالعمل على زعزعة �الاستقرار السياسي� للحكومات المحلية في بعض أقاليم الصومال، وهي تلك التي تتخذ موقفاً مناوئاً للنظام القطري ولسياساته المُزعزعة للاستقرار والراعية للإرهاب والتطرف في منطقة الشرق الأوسط.

المعارك الداخلية
ففي 23 /11/ 2017م قام التحالف العربي بنشر قوة عسكرية في المهرة لمنع تهريب الاسلحة للحوثيين، ونشر الاعلام التابع للتحالف ما نصه: "وصلت طلائع قوات يمنية تدرّب معظم عناصرها في السعودية، إلى مدينة الغيظة عاصمة محافظة المهرة، في خطوة تؤسّس لمرحلة يحاول من خلالها �التحالف� السيطرة على المنافذ البرية والبحرية في المحافظة، لوقف عملية تهريب الأسلحة لميليشيات الحوثي وقوات صالح، وتلى ذلك معارك في الساحل الغربي والحديدة لتأمينها ضد تهريب الاسلحة والارهاب".
وفي نهاية يناير 2018م دارت معارك بين قوات جنوبية ومعسكرات تتبع جماعة الاخوان المسلمين في عدن وانتهت بهزيمة المعسكرات الاخوانية، ووقف حينها التحالف العربي موقفا مشرفا من قوات الجنوب واعتبر المجلس الانتقالي الذي تتبعه تلك القوات مكونا سياسيا اجتماعيا شرعيا له الحق في كل مطالبه، وهو موقف لم يستطع الأخوان نسيان ضرره عليهم، فباتوا يكيدون المكيدة تلو المكيدة للتحالف ويقنعون دوائر صنع القرار في المملكة بأهمية عودة الحكومة، وانها لن تقوم بأي استفزازات، فيما قامت وسائل اعلامهم بمهاجمة القوات الجنوبية وتشويهها وتشويه دور التحالف، وارسلت منظماتهم تقارير مضللة للمنظمات الدولية عن سجون سرية وتعذيب، ووقف اعلامهم كذلك ضد حملات امنية للقوات الجنوبية المدعومة من التحالف لتأمين محافظات الجنوب والسواحل الجنوبية، وحاول مسئولون وشخصيات في الشرعية اطلاق سراح عشرات المحتجزين (مهاجرين غير شرعيين) من القرن الافريقي، ودارت معارك حول مركز احتجاز بعدن سربت منظمة اخوانية تقارير لمنظمات دولية عن وقائع تعذيب واغتصاب تحدث فيه.
وعندما فشلت كل مساعيهم تلك لم يجدوا بدا من ضرب التواجد العربي في الجزر والسواحل الجنوبية ليكون الوضع متاحا لتنقل المقاتلين من الحركات الارهابية الافريقية من القرن الافريقي الى الجزر اليمنية واهمها سقطرى، ثم الى السواحل الجنوبية ومنها الى المعارك مع الحوثيين لإطالة المعركة.
الحكومة، التي تعهدت للسعوديين بأنها ستعود الى عدن من اجل الخدمات وانها لن تستفز الجنوبيين، وصلت الى سقطرى وقامت بأعمال استعراضية عسكرية وغير عسكرية، وفجرت خلافا مع قوات التحالف العربي هناك، وهي قوات اماراتية، وسط حملة اخوانية ضد الامارات بأنها احتلت سقطرى.
الحملة ليست جديدة، فهي متواصلة، لكنها كثفت ونشر الاعلام القطري عنها بشكل مكثف كما توحدت فيها الآلة الاعلامية الاخوانية والحوثية، حيث وصفت توكل كرمان، القيادية الاخوانية المقيمة بتركيا والتي تمولها قطر، القوات العربية في سقطرى بالاحتلال، كما قام عضو اللجنة الثورية العليا للحوثيين محمد البخيتي بإعادة نشر ما تكتبه كرمان مع توجيه التحية لها، وهو ما يكشف حقيقة العمل الأخواني الحوثي القطري الايراني التركي الموحد.
وكتب محمد البخيتي: "تحية للأخت توكل كرمان لدعوتها اليمنيين للاصطفاف الوطني لمواجهة الاحتلال الإماراتي والسعودي لليمن. هذه الدعوة هي الخيار الوحيد والسليم لقطع أطماع تلك الدول في اليمن ووقف الاقتتال الداخلي وبناء هوية وطنية جامعة وتوحيد البنادق وجعل اليمن أقوى دولة في المنطقة. ومن خلال هذا الموقع سيستعيد اليمن كرامته وعزته ودوره التاريخي وسنجبر المعتدين على تعويض خسائر عدوانهم وعبثهم بدلا من دفعهم الجزية لأمريكا لأنهم لا يعرفون ولا يحترمون إلا لغة القوة".

فشل ذريع لمعركة الأخوان الأخيرة
تعامل المملكة العربية السعودية عبر اللجنة التي زارت سقطرى بعد الاحداث الاخيرة اظهر وعي التحالف العربي لما يحاك ضده، فلم يلب طلب الاخوان باتخاذ القسوة ضد الامارات او طرد قواتها، كما ان خروج العشرات من ابناء سقطرى للتضامن مع الامارات افشل خطط الاخوان تماما في معركتهم الاخيرة، وهو ما يعني ان معركة (دم الاخوين) المزيفة انتهت بسيلان دم (الاخوان) ليس الا.