تكنولوجيا ومعلومات

الأحد - 15 يوليه 2018 - الساعة 11:23 م بتوقيت اليمن ،،،

المرصد/ متابعات


تسبب تغيير في سياسة موقع التواصل الاجتماعي تويتر بهدف زيادة مصداقيته في حذف الملايين من الحسابات الوهمية، وأسهمت هذه الخطوة في التعرف على الشعبية الحقيقية لمشاهير الفن والسياسة
الاثنين 2018/07/16

تغريدات ترامب مثيرة دائما للجدل
فاجأت إدارة تويتر مستخدمي موقعها بحذف الملايين من الحسابات بدعوى أنها وهمية، وفقا لما لديها من بيانات عن معدلات نشاط المستخدمين، ما أدى إلى تراجع أعداد متابعي الكثير من مشاهير السياسة والفن، الأمر الذي يعد بمثابة فضح لشعبية هؤلاء الحقيقية.

تكمن المفارقة هنا في أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لا يمل من تكرار الاتهامات للمنصات التي تطلق الأخبار المزيفة، كان أحد أشهر المتضررين من حذف الحسابات الوهمية، وانخفض عدد متابعي حسابه الرسمي على تويتر بنحو 200 ألف متابع، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

وشملت قائمة أكبر خاسري المتابعين على المستوى العالمي، الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بخسارة 2.4 مليون متابع، ونجم كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي خسر 1.2 مليون متابع، ورجل الأعمال الأميركي بيل غيتس الذي خسر 900 ألف متابع.

وطالت خسارة المتابعين كذلك قادة ومشاهير عربا، على رأسهم أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي خسر نحو 2.5 مليون متابع، وملك الأردن عبدالله بن الحسين الذي خسر 150 ألف متابع، والإعلامي السعودي أحمد الشقيري بخسارة 230 ألف متابع، ورجل الأعمال السعودي الوليد بن طلال الذي خسر 247 ألف متابع.

ويعتبر محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري السابق، أحد أشهر الساسة الذين استخدموا تويتر لتوجيه رسائل إلى الجماهير والخصوم السياسيين أو لمجرد التعليق على الأحداث الجارية، لكنه لم يبد استياءً من انخفاض عدد متابعيه.

وعلق البرادعي في تغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر قائلا “بعد حذف تويتر لأكثر من 100 ألف متابع من حسابي ما بين لجان وحسابات وهمية بالإضافة إلى 30 ألف متابع قمت أنا بحجبهم على مر ثماني سنوات بسبب البذاءة والإفك المبين (سعيد بأن مجموع كل هؤلاء أقل من 3 بالمئة من المتابعين)، آمل أن يعود تويتر كمنصة حرة للتعبير عن الرأي بأسلوب راق يستند إلى الحقيقة والعقل”.


ويبدو البرادعي مثالا حيا على الاستفادة التي يحققها بعض السياسيين من تويتر، حيث ضمن له الموقع البقاء تحت أضواء الساحة السياسية لفترة ليست قصيرة حتى بعد أن استقال من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية عام 2013، وبعد سفره خارج البلاد للإقامة في النمسا، وما أثاره من جدل في عدة مناسبات بتغريدات أطلقها عبر حسابه الرسمي على تويتر حافظت له على مكانة معنوية في نفوس مؤيديه.

واستخدم ترامب تويتر لصالحه كأفضل ما يكون، فمن الواضح لمستخدمي تويتر كيف أنه وظف الموقع للتعليق على كل صغيرة وكبيرة، بداية من أمور متعلقة بحياته وتجاربه الشخصية، وانتهاء بأكبر القضايا التي تعنى بالعلاقات الدولية.

تغريدات ترامب وهيلاري
إيثان بانسر، أستاذ مساعد في مجال التسويق بجامعة سانت ماري الكندية، أعد دراسة بمساعدة زميل له، بحثت مسألة استخدام ترامب لموقع تويتر، ونشرت نتائج الدراسة صحيفة “سوشيال انفلونس”، أراد الباحث من خلال دراسته التوصل إلى أنماط تدوينات مواقع التواصل الاجتماعي التي يفضل المستخدمون مشاركتها والإعجاب بها.

خلال الدراسة رصد الباحثون تغريدات ترامب ومنافسته هيلاري كلينتون على مدار ثلاثة شهور، في الفترة التي أعقبت الترشح رسميًا لخوض سباق انتخابات الرئاسة.

تبين للباحثين أن ترامب أكثر مهارة من هيلاري كلينتون من حيث القدرة على صياغة التغريدات، وفي السياق ذاته لوحظ أن التغريدات التي تميل إلى السلبية والانتقاد يزيد جمهور المعجبين بها، ومن ثمّة زيادة متابعي الرسائل السياسية التي يدونها، ما انعكس بدوره على أصوات الناخبين.

وشدد الكاتب فان نيوريك، في مقال له بمجلة “ذي أتلانتك”، على هذا المعنى، وقال إن “المرشح السياسي دون تويتر مرشح خاسر”، وأتاح صعود تويتر كأداة فاعلة في العمل السياسي شكلًا جديدًا من أشكال التفاعل بين الجماهير والساسة من مختلف التوجهات، وأن السياسيين الذين لم يدركوا القواعد الجديدة للعبة سقطوا من حسابات عامة الشعب.

ويمكن لتويتر أن يكون أداة لإعلاء نجم الزعماء والسياسيين كما يمكنه كذلك أن يسقط آخرين، إن أحسن المعارضون استخدامه، فلا يخفى على أحد ذلك الدور البارز الذي لعبته منصات التواصل الاجتماعي -ومن بينها تويتر- في إسقاط نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك عام 2011 وكيف سهل فيسبوك وتويتر وغيرهما على الثوار تنظيم صفوفهم وتوحيد كلمتهم.

دور مواقع التواصل الاجتماعي في تغيير وجه الحياة السياسية لم يقتصر على المنطقة العربية وما شهدته من ثورات فقط، بل طال أيضا الولايات المتحدة التي لا تزال تعاني من مشكلة العنصرية ضد السود في بعض الولايات، حيث شهدت محاولات لإثارة الجماهير ضد الإدارة الأميركية.

وتقول جونيتا إليزي -ناشطة أميركية شاركت في احتجاجات الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية بمدينة فيرغسون عقب قيام ضابط الشرطة بتصفية شاب أسود بعدة طلقات نارية- إن تويتر جزء لا يتجزأ من نشاطها السياسي، وحتى لو كانت ناشطة مغمورة، يمكنها بفضله مضاهاة المعارضين الكبار.

ترامب، أحد أشهر المتضررين من حذف الحسابات الوهمية، حيث انخفض عدد متابعي حسابه على تويتر بنحو 200 ألف متابع

وتوضح إليزي أن تويتر عوضها عن نقص التمويل المادي الذي يمتاز به المعارضون المعروفون الذين يمكنهم الظهور على أشهر القنوات التلفزيونية، وهكذا وفر لهم تويتر وسيلة إعلام بديلة، أوصلت أصواتهم إلى شرائح جديدة من المجتمع، ومنحهم فرصة الدفاع عن الأقليات والمهمشين والانخراط بشكل فاعل في العمل السياسي.

الطريق إلى الشهرة
لا يختلف كثيرًا تأثير زيادة ونقصان أعداد المتابعين لدى أهل الفن عن السياسيين، فإن كان السياسي يسعى لزيادة أعداد متابعيه لجعل كلمته مسموعة بشكل أكبر، وزيادة مدى تأثيره ونفوذه على الجماهير، فإن الفنان يسعى لتوسيع قاعدته الجماهيرية ولفت أنظار الإعلام إليه وضمان استمرار تواجده على الساحة لأطول فترة ممكنة.

وقد تضرر عدد من الفنانين العالميين من حذف الحسابات الوهمية على تويتر، من أبرزهم المغنية كاتي بيري بخسارة 2.8 مليون متابع، وبريتني سبيرز التي خسرت 2.1 مليون متابع، وجاستن بيبر الذي خسر نحو 3 ملايين متابع، أما على المستوى العربي فكان من بين أبرز خاسري المتابعين المطربة اللبنانية إليسا التي خسرت 125 ألف متابع، والمطربة الإماراتية أحلام التي خسرت 163 ألف متابع.

وفي تقرير لها حول أهمية استخدام تويتر للفنانيين، خاصة الممثلين منهم، قالت مجلة بيزنس إنسايدر الأميركية إن أهمية تويتر “لا تقل بأي حال من الأحوال عن المقومات الأخرى التي يجب أن يتحلى بها لتحقيق الشهرة والنجاح”. وبطبيعة الحال فإن عدد متابعي الفنان يعد المؤشر الأول على نجاحه في تويتر وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي.

وصرح مايك فنتون -مدير تجارب الأداء (الكاستينغ)- لموقع “ذي راب” المعني بأخبار الفن، بأنه لا شك في أن عدد متابعي الفنان على صفحات التواصل الاجتماعي أصبح اليوم أحد عوامل تعزيز فرصه في الحصول على دور في الأعمال الفنية، وهو ما يدفع الممثلين إلى إنشاء صفحات شخصية والسعي إلى زيادة متابعيهم.

وتابع “حتى عند المفاضلة بين ممثلين محترفين، فأنا كمدير تجارب أداء أفضل العمل مع النجم الذي لديه شعبية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي عن صاحب الظهور الضعيف على تويتر وفيسبوك وانستغرام وغيرها من المنصات، فالأعداد الضخمة لمتابعي الفنان لا تتسبب فقط في إحداث ضجة حول العمل الفني بل إنها تؤثر بشكل مباشر في أرباح العمل”.

ويبدو لافتا التحول الجديد خلال شهر رمضان العام الجاري في ما يتعلق بدور زيادة أعداد متابعي بعض الشخصيات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عمد بعض مخرجي الإعلانات التجارية إلى الاستعانة بمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، حتى وإن لم يكونوا نجوم تمثيل أو غناء أو لديهم من الشهرة على أرض الواقع مثلما لغيرهم من النجوم المعروفين.

أبرز الأمثلة على هذا التحول هو إعلان إحدى شركات الاتصالات في مصر، والذي تمت الاستعانة فيه بمجموعة من الشباب ممن لديهم أعداد ضخمة من المتابعين، ومنهم مروان يونس الذي اشتهر بتقديم مقاطع فيديو ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهشام منصور وهو كاتب وسيناريست ساخر، وهشام عفيفي وهو مقدم البرنامج الساخر “التحليل الاستراتيجي”، والممثل عمرو وهبة.

ويعتبر وهبة في حد ذاته مثالًا على من أسهمت السوشيال ميديا في زيادة شهرتهم وفتح آفاق جديدة لهم، حيث بدأت مسيرته بكتابة البرامج الكوميدية وتقديم مقاطع الفيديو الساخرة ثم مشاركته في برنامج SNL بالعربي، وحصل مؤخرًا على دور في مسلسل “كلبش 2” (بطولة النجم أمير كرارة) الذي مكنه من تحقيق انتشار أوسع.

إذا كنا نتحدث عن دور مواقع التواصل الاجتماعي عموما في تغيير قواعد لعبة السياسة والفن، فإن موقع تويتر تحديدًا يسعى للحفاظ على شخصية مستقلة، ولم تجد إدارة تويتر حرجًا في حذف ما يقرب من 6 بالمئة من الحسابات لديها حفاظًا على مصداقية التفاعل وموثوقية الأخبار المتداولة عليه، وربما تكون هذه السياسة السبب في اكتفاء بعض المشاهير بالتفاعل على حساباتهم في تويتر دون غيره من المواقع.

هكذا حافظت سياسة تويتر الجديدة على مكانة خاصة يصلح معها أن يكون أنسب من غيره لمن يبحث عن منصة للتعبير عن الرأي بحرية والحصول على الأخبار الموثوقة ومتابعة المشهد السياسي والفني والرياضي من خلال مشاهير هذه المجالات.