الشأن الدولي

الجمعة - 11 أكتوبر 2019 - الساعة 05:53 م بتوقيت اليمن ،،،

المرصد/وكالات

"أرحب بجائزة منحت لأفريقيا"

بهذه الكلمات علّق رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على نبأ فوزه بجائزة نوبل للسلام، بعد أن ساعد في إنهاء حرب استمرت 20 عاما مع إريتريا وتسببت في خسائر بشرية باهظة لكلا البلدين.

كما حصل آبي أحمد البالغ من العمر 43 عاما مؤخرا على استحسان واسع لتوسطه في اتفاق تقاسم السلطة في السودان المجاور بعد أزمة سياسية أدت إلى اقتلاع نظام الرئيس السابق عمر البشير بعد نحو ثلاثة عقود في الحكم.

وقال في اتصال هاتفي قصير مع مؤسسات نوبل التي بثته على الإنترنت: "أشعر بالتواضع والسعادة ... شكراً جزيلاً لكم. إنها جائزة تُمنح لأفريقيا، تُمنح لإثيوبيا، أتصور أن كل القادة الأفارقة الآخرين سيفكرون أنه من الممكن العمل على إجراءات لبناء السلام في قارتنا".

رئيس الوزراء الأثيوبي أبيي أحمد مع الرئيس الأرتري أسياسي أفورقي
رئيس الوزراء الأثيوبي أبيي أحمد مع الرئيس الأرتري أسياسي أفورقي

من هو؟

ضابط مخابرات سابق يبلغ من العمر 43 عاما. وقد تولى السلطة في بلاده في أبريل 2018 وأجرى إصلاحات ديمقراطية طموحة.

أقرت لجنة نوبل بالخطوات الواسعة التي تحققت محليا خلال فترة ولاية آبي أحمد القصيرة، لكنها شددت على أهمية قيادته في إنهاء المواجهة المستمرة منذ عقود مع جارته إريتريا في أعقاب حرب حدودية دامية بين عامي 1998 و 2000.

وعند الإعلان عن الجائزة في أوسلو، قالت لجنة نوبل النرويجية إن "جهود آبي تستحق التقدير وتحتاج إلى التشجيع". في ظل تقييم متضارب بشأن الإصلاحات التي يقوم بها في داخل بلاده.



ومؤخرا في إثيوبيا تجددت صراعات عرقية قديمة، ووفقا لمراقبين دوليين هناك ما يقرب من 3 ملايين نازح إضافة إلى نحو مليون لاجئء من دول الجوار في إثيوبيا.

وقال لجنة نوبل كرئيس للوزراء، سعى آبي أحمد إلى تعزيز المصالحة والتضامن والعدالة الاجتماعية. ومع ذلك، تبقى العديد من التحديات دون حل".

ورأت منظمة العفو الدولية الجمعة أن منح آبي أحمد جائزة نوبل للسلام يجب أن يشجعه على القيام "بمزيد من الإصلاحات في مجال الحقوق الإنسانية".

إصلاحات داخلية

عرف عن آبي أحمد اعتماده في الأغلب على مبادراته الشخصية الجريئة والكاريزما، لدفع التغيير، بدلا من العمل من خلال المؤسسات الحكومية.

وهو يعتبر أول زعيم من أكبر مجتمع عرقي إثيوبي، وهو أورومو، الذي اشتكى لعقود من التهميش الاقتصادي والثقافي والسياسي.

في إطار إصلاحاته الداخلية، قام آبي بتعيين النساء في وظائف رفيعة المستوى، بما في ذلك المناصب الوزارية.

وشملت الإصلاحات المحلية رفع الحظر على الأحزاب السياسية المعارضة ووسائل الإعلام، وأفرج عن آلاف السجناء السياسيين ووضع حد لحالة الطوارئ في البلاد، كما عمل على إقالة مسؤولين بعضهم متهمون بالتعذيب.

يُنظر إلى آبي أحمد على أنه يمتلك قدرة فريدة على اجتياز الانقسامات العرقية والدينية في البلاد بسبب خلفيته المسيحية والإسلامية المختلطة وتحدثه بطلاقة بثلاث لغات أساسية في البلاد.

ويعتقد مراقبون أن التغييرات التي أدخلت في نظام آبي مهدت الطريق لإثيوبيا، ثاني أكبر بلد إفريقي من حيث عدد من السكان، لإجراء أول انتخابات حرة متعددة الأحزاب في العام المقبل.

وأقرت لجنة نوبل بالخطوات الواسعة التي تحققت محليا خلال فترة ولاية آبي القصيرة، لكنها شددت على أهمية قيادته في إنهاء المواجهة المستمرة منذ عقود مع جارته إريتريا في أعقاب حرب حدودية دامية بين عامي 1998 و 2000.

اتفاق سلام حقيقي

اتفاق السلام لم يكن حبرا على ورق، بل أسهم في إقامة علاقات دبلوماسية حقيقية بين البلدين اللذين كانا يوما بلدا واحدا، كما ساعد الاتفاق في تعزيز الروابط اليومية من خلال خطوط الهاتف والرحلات الجوية بين الجانبين اللذين تربطهما روابط عرقية وثقافية.

وعندما هبطت أول رحلة جوية تابعة لشركة الخطوط الجوية الإثيوبية من أديس أبابا إلى العاصمة الإريترية، أسمرة، في 18 يوليو من العام الماضي جثا ركاب على ركبتيهم وقبلوا الأرض. فيما احتضنت شقيقتان والدهما لأول مرة بعد 20 عاما من الانفصال بسبب الحرب.

إشادات دولية

وتلقى آبي التهاني من عدة جهات دولية على رأسهم الأمين العالم للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي قال إن رؤيته ساعدت على تحقيق تقارب تاريخي بين إثيوبيا وإريتريا، معتبرا قيادته قدوة رائعة للآخرين في أفريقيا وخارجها.

كما تلقى إشادات من الرئيس المصري السيسي عبد الفتاح السيسي الذي قال في تهنئته لآبي "فوزك فوز جديد لقارتنا السمراء الطامحة دوماً للسلام والساعية لتحقيق الاستقرار والتنمية، وأتمنى أن تستمر جهودنا البناءة الرامية لإنهاء كافة الصراعات".

أما رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي الذي قال إن "جهود (آبي) التاريخية في مجال بناء السلام أعطت العالم الأمل في وقت يحتاج فيه إلى دور قيادي أكثر من أي وقت مضى".

الإرث الأخضر

وبعيدا عن عملية السلام مع إريتريا، كانت المبادرة الوطنية "الإرث الأخضر" واحدة من المبادرات الأكثر لفتا للنظر التي خرجت بها الحكومة الإثيوبية في السنوات الأخيرة تحت قيادة آبي أحمد.

وقد ركزت المبادرة على زراعة 4 مليارات شجرة في البلاد، من خلال تشجيع كل مواطن على زراعة ما لا يقل عن 40 شتلة.

رئيس الوزراء الاثيوبي يساعد في غرس شجرة
رئيس الوزراء الاثيوبي يساعد في غرس شجرة

ووفقا للأمم المتحدة، فإن المساحة التي تغطيها الغابات في إثيوبيا في الألفينات لا تتعدي 4 في المئة، مقارنة بـ 35 في المئة قبل قرن.

وفي يوليو الماضي زرعت البلاد 350 مليون شجرة في يوم واحد.

نصيب أفريقيا من جائزة نوبل للسلام

ومن الحائزين على الجائزة نوبل للسلام في القارة الأفريقية الناشط الجنوب أفريقي ألبرت لوثولي (1960)، والرئيس المصري الراحل أنور السادات (1978)، والقس الجنوب أفريقي ديمزموند توتو (1984)، ورئيس جنوب أفريقيا السابق نلسون مانديلا الذي نال الجائزة مع سلفه فريدريك دي كليرك (1993)، والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان (2001)، ورئيسة ليبريا السابقة آيلين سيرليف (2011)، ومواطنتها الناشطة السياسية ليما بوي ( 2011)، إضافة إلى اختصاصي التوليد القس الكونغولي دنيس مكويجي (2018).

وجائزة نوبل للسلام، هي قلادة ذهبية وشهادة وشيك بقيمة تسعة ملايين كورون سويدي (حوالي 850 ألف دولار)، وسيتم تسليمها في أوسلو في العاشر من ديسمبر المقبل في ذكرى وفاة مؤسسها ألفريد نوبل.