عرض الصحف

الأربعاء - 18 مايو 2022 - الساعة 11:00 ص بتوقيت اليمن ،،،

((المرصد))وكالات:

على ما يبدو أن مغامرة رئيس حكومة الاستقرار الليبية فتحي باشاغا بدخول العاصمة الليبية طرابلس كانت خطوة غير محسوبة انتهت بإخفاق سياسي مدو تسبب بضربة معنوية لباشاغا نفسه وحلفائه داخلياً وداعميه الإقليميين والدوليين.

وبحسب صحف عربية عربية صادرة، اليوم الأربعاء، تواجه ليبيا احتمالات تجدد الصراع على السلطة، إثر الأحداث التي شهدتها طرابلس من دخول باشاغا فجراً إلى وسط العاصمة مصحوباً بعدد من مساعديه، ومغادرته للعاصمة حرصاً على أمن وسلامة المواطنين وحقناً للدماء.

لا للدماء
من جانبها تناولت صحيفة "إندبندنت" عربية تصريحات باشاغا، من مدينة سرت الساحلية وسط البلاد وتأكيده أنه لن يلجأ للعنف من أجل السيطرة على العاصمة وأن حكومته ستعمل انطلاقاً من سرت اعتباراً من الأربعاء.

وبينت الصحيفة أن تصاعد التوتر بين الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، برئاسة فتحي باشاغا، وحكومة منافسه عبد الحميد الدبيبة، بعد محاولة باشاغا دخول العاصمة طرابلس الثلاثاء حيث أعلن مكتب باشاغا مغادرة الأخير العاصمة طرابلس بعد ساعات من محاولته دخول المدينة، الأمر الذي أدى إلى اندلاع اشتباكات بين فصائل متنافسة.

ولفتت الصحيفة إلى أنه ومع عدم قدرة أي من الجانبين في ما يبدو على تحقيق تفوق عسكري حاسم في أنحاء البلاد، يبدو أن ليبيا الآن مهيأة لفترة أطول من الجمود مع تحصن الدبيبة بقوة في طرابلس.

إخفاق
واعتبرت أوساط ليبية لصحيفة "العرب" اللندنية أن باشاغا هو أكثر شخص يعرف ماذا يعني إخفاقه بدخول العاصمة طرابلس سواء على المدى القريب أو على مستقبله السياسي، حيث سبق أن مر حليفه الحالي وخصمه السابق القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر بمثل هذا الموقف وتحمّل تبعات فشله في السيطرة على العاصمة طرابلس.

ولفتت الصحيفة إلى أن العديد من الأوساط استغربت قيام باشاغا بمثل هذه المغامرة حيث ساد انطباع أنه شخصية متزنة، ولم تستبعد أن يكون قد تأثر بالبعض من وزرائه وفريقه الاستشاري الذي قد يكون أوحى له بأن هناك ضوءاً دولياً أخضراً لدخول حكومته طرابلس.

وبحسب الصحيفة ربط مراقبون فشل باشاغا في البقاء في طرابلس وطرد خصمه رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة، برفض تركي لحكومته خاصة وأن من قام بفض الاشتباكات ووفر ممراً آمنا لباشاغا هو اللواء 444 قتال الذي تم تشكيله قبل نحو سنتين تحت إشراف وتدريب تركي. وانتشر اللواء بعدها في كامل طرابلس.

تداعيات أمنية
وذكرت صحيفة "البيان" أن عدة مناطق في العاصمة الليبية شهدت فور إعلان دخول باشاغا لطرابلس استنفاراً أمنياً لعدة تشكيلات مسلحة وانتشاراً كبيراً للعربات المسلحة، مع سماع إطلاق الرصاص بصورة متقطعة في عدة مناطق، الأمر الذي كان ينذر بحدوث اشتباكات كبيرة وسط أحياء العاصمة.

وقالت أوساط مطلعة للصحيفة إن"كتيبة النواصي التي تعتبر إحدى أكبر التشكيلات المسلحة في طرابلس أعلنت دعمها لحكومة باشاغا، وهو ما دفع بعدد من ميليشيات موالية لحكومة الدبيبة وقريبة من تيار الإسلام السياسي إلى الهجوم على مقارّها والاستيلاء عليها، وبتنفيذ حملة اعتقالات بين موالين للحكومة الجديدة".

وبينت الصحيفة أن باشاغا الذي تبسط حكومته نفوذها في إقليمي برقة وفزان وبعض مناطق إقليم طرابلس قد سجّل اختراقاً مهماً في الجبهة الداعمة للدبيبة، بما يشير إلى تطورات جديدة قد تعرفها مدن الساحل الغربي ومن بينها مصراتة التي يتحدر رئيساً الحكومتين المتنافستين، وأكد مجلسها العسكري أنه لن يقف مكتوف الأيدي في حال لم يلتزم عبد الحميد الدبيبة بسحب قواته من شوارع العاصمة معلناً دعمه لحكومة باشاغا.

مسؤولية دولية
وكتب صلاح الغول في صحيفة "الخليج" أنه بعد أنْ تفاءل المراقبون خيراً بانتخاب مجلس النواب الليبي حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، وإعلان الأخيرة برنامجها السياسي الذي يركز على التوافق مع كل الأطراف السياسية ووحدة الصف وتجنب إراقة الدماء، ولجت ليبيا في مرحلةٍ جديدة من الصراع السياسي بين الحكومة الجديدة وداعميها من مجلس النواب والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبد الحميد الدبيبة وداعميها من الميليشيات المسلحة في العاصمة والغرب الليبيين. وأشد ما يُخشى منه أن يتصاعد الصراع بين الطرفين إلى مصادمات مسلحة، كما حدث من قبل في ظل حكومة فايز السراج بين الأعوام 2016 و2021.

وذهب الكاتب لذكر أن المفارقة هي أن المجتمع الدولي الذي قاد جهود التدخل السياسي والعسكري في ليبيا منذ العام 2011 ينسحب الآن من المشهد، أو يمارس سياسة "ماكيافيللية" تجاه طرفي الصراع الرئيسين، وينسى أو يتناسى أنّ لديه مسؤولية أخلاقية، قبل أن تكون سياسية، في المساعدة في تسوية الأزمة الليبية.

وأشار الكاتب إلى أن المشهد الليبي الراهن، نجد أنّه يمثل خسارة صافية لكل الأطراف الداخلية والخارجية. فالشعب الليبي يعاني انعكاسات الصراع السياسي بين الحكومتين، والأزمة الاقتصادية تزداد وطأتها، والميزانية الحكومية لم تُفعّل، والمشروعات والخدمات الاقتصادية والاجتماعية مجمدة تقريباً، والفساد السياسي يتنامى تغوله، والميليشيات يتصاعد نفوذها في الغرب، المجتمع الدولي لديه فرصةٌ في ليبيا، ينبغي ألا يفلتها، تتصل بإعادة ترميم هيكله النظام الدولي الذّي تهدم أو كاد بسبب الصراع بين القوى الكبرى، واستعادة شرعيته وثقة شعوب الجنوب فيه وحينها، ينعقد الأمل على الدول الإقليمية الرئيسية، وعلى رأسها مصر وتركيا والإمارات وقطر، أنْ تبادر بتسويةٍ شاملة للأزمة الليبية قبل أنْ تنفجر في صورة صراعٍ مسلح بين الأطراف والميليشيات الليبية، بما يتضمنه ذلك من خسارة مشتركة للجميع.