كتابات وآراء


الخميس - 13 أبريل 2017 - الساعة 07:03 م

كُتب بواسطة : أحمد عمر بن فريد - ارشيف الكاتب


ليس بالضرورة ان يرتبط تعريف " الجاهل " بحجم الثقافة والاطلاع والمعرفة التي يمكن ان يختزنها عقل الفرد منا , لكن الجاهل من وجهة نظري هو ذلك الشخص الذي لا يدرك عواقب ما يقول أوما يقوم به من عمل سواء بقصد او بدون قصد خاصة حينما يتعلق الأمر ب " الشأن العام " وقضايا الوطن ! والخطير في الأمر حينما لا يكون الجاهل مجرد حالة " فردية " تتعلق بشخص واحد بعينه , وانما حينما يكون الأمر يتعلق بجماعة تعزف " نغمة شاذة " بطريقة تبدو منسجمة مع بعضها ويبدو صوتها مسموعا .. وتبلغ الخطورة مداها حينما تتمكن هذه الجماعة من التأثير على فئة او شريحة او جماعة اوسع فتنجح في لفت انتباهها الى الاستماع الى تلك النغمة النشاز التي تتحول الى نغمة مرغوبة تملك قاعدة جماهيرية لا يستهان بها لهذا السبب او ذاك !

بين الحين والآخر .. يبدو ان لدينا هذه النوعية من " الجماعة " التي ادمنت العبث بمصيرنا , وباتت جزء اصيل منه , والتي يبدوا ايضا انها قد ارتبطت بالفوضى والأزمات ارتباط عضوي لا تستطيع الافتكاك منه ! .. ويبدو ان عبثها بمصير شعب بأكمله لا يتجاوز في تقديرها حجم العبث الذي يقوم طفل صغير بلعبة جديدة !.. هكذا تقديرهم للامور لأنهم بكل بساطة بعيدين عن الحرائق التي يشعلونها ولديهم كل ما يلزم كي يكونوا بمنأ عن النيران ان استعرت وانتشرت ..لأنهم بعيد عنها !!

حادثة قتل الارهابي الشهيرة في القلوعة التي نفذها صقر 1 , يبدو انها كانت منصة " اقلاع " لهذه الجماعة التي استحضرت كل امراضها النفسية المتراكمة دفعة واحدة , وتحولت بقدرة قادر الى محلل أمني جمع كل ادوات التحليل والتدقيق اللوجستي والفني والرصد والمتابعة والتدقيق والتمحيص والفرز على طاولته ! .. ما دفع هؤلاء الى وضع الف سؤال وسؤال عن تلك الحالة وكيفية حدوثها وتنفيذها حتى جاوز بهم الخيال في روايتهم الحالة " الجيمسبونديه " التي قالوا ان العملية كانت من نوعيتها !

وهم لم يتقمصوا فقط دور المحلل الأمني – الاستخباراتي , وانما لبسوا ايضا البدلات البيضاء الخاصة بفرق حقوق الانسان وربما ذهب البعض منهم الى درجة عالية من " التصوف " في الانسانية حتى قارب مرحلة الكشف التي تصعد بها الروح الى السماء بحسب الغنوصيين المتصوفه !! .. والمؤسف في الأمر ان معزوفتهم الحزينة التي رافقت كل ذلك , تتطابق تماما مع معزوفة اخرى لفرقة موسيقية تقودها جماعة الاصلاح الاخوانية والتي تلتقي في نفس الوقت مع انغام اخرى تسمع اصدائها من صنعاء لتشكل كلها مقطوعة واحدة جمعت كل الاضداد وكل المتحاربين في حالة قلما يجود الزمان بمثلها !

بالامكان لأي منا ان يجد مبرر للاصلاحي حينما يذم في اجراءات الأمن في عدن , وان يجد مبرر اكبر لتحالف ( صالح – الحوثي ) لكنه مؤلم جدا بالنسبة لي على الأقل مجاولة فهم طرف جنوبي ايا كان توجهه ان يتناغم في هذه الحالة مع هؤلاء الذين اذاقوا الجنوب والجنوبيين كل اشكال القهر والتنكيل طوال ال 25 سنة الماضية !.. البعض – وهم قلة - يمكن ان يتلخص موقفه فقط لأنه " شلال علي شايع " ابن الضالع هو قائد الأمن في عدن !! ولو كان " ابن قبيلته " بدلا عن شلال لربما برر له ليس فقط عملية القلوعة وانما حتى اقتلاع عيون البشر احياء تحت ذريعة محاربة الارهاب ! .. أما ان يكون شلال بن علي هادي فلا يجوز له في منظورهم ان يكون صارما في محاربة الارهاب .. هكذا فقط !! وانما عليه ان يلبس " القفازات البيضاء " وان يخلع بدلته العسكرية ويستعيض عنها ببدلة حريرية من باريس , ثم عليه ان يتحدث بلهجة ناعمة عن الارهاب الذي يذبح المرؤ منا من الوريد الى الوريد ان وقع تحت رحمته !

في تقديري .. انه لو تمكنت قوات الأمن في عدن من القبض على ذلك الجرم الذي قتل ضباط الأمن في وضح النهار في المنصورة والشيخ عثمان والذي كان يصور جرائمة بكاميرته المربوطة على رأسه , لظهر من بين هذه الجماعة من ينتقد عملية " الدهم " التي نفذت للقبض عليه !! هذا في حال ان اعترف بأنه هو فعلا وليس غيره !! .. من هذا الباب الضيق في فهم معنى الوطن سوف انفذ للتأكيد لهؤلاء ان من كان يتخاطب مع صقر واحد كانت لهجته واضحة جدا انه من شبوة .. ولربما ان الهدف الذي يتباكون عليه كان من الضالع .. فمن يدري ؟!! .. وربما ان مثل هذه المعلومات في حال تأكدت لهؤلاء لن تكفي كي يبلعوا السنتهم الرعناء , لأن " المناطقية " ليست سوى ذريعة فقط لهم بينما في الحقيقة ان لديهم مشاريع اخرى لا تتعلق ابدا بحق شعب الجنوب في الاستقلال ولا حتى في فهم سلبيات المناطقية المستحضره تعسفا في كل حالة تقابلنا .

لهؤلاء نقول ... الا تتذكرون كيف قتل الشهيد / فارس طماح في مركز شرطة المعلا ؟ ... الا تتذكرون كيف قتل الشهيد / احمد الدرويش في سجون الامن السياسي بالتواهي ؟ وكيف قتل البطل / علي صالح الحدي في منزله بتلك الكيفية التي لم تحدث في اي دولة في العالم كون القتلة هم " رجال أمن " وهم من قاموا بتصوير جريمتهم في قتل الحدي مع سبق الاصرار والترصد ! ..الا يغضبكم ان الجنوب فقد اكثر من خمسة الاف شهيد واكثر من ثمانية الاف جريح من اجل مشوع الاستقلال المرتبط بعزتنا وكرامتنا وسيادتنا على ارضنا ؟ .. اولا يكفينا حجم المهانة والذل التي تجرعها كل جنوبي سواء كان ضمن سلطة الاحتلال او خارجها خلال السنوات الماضية ؟ .. وهل كان على سبيل المثال سيئ الذكر / محمد صالح طريق او عبدالله قيران ملائكة رحمة بنا كجنوبيين حينما كانوا يحكمون عدن في تلك المرحلة التي كان فيها الارهاب يوزع على ابين وشبوة ويدار من صنعاء ؟ .

لماذا لا نعي جيدا ان الاجراءات الامنية في اي مكان في العالم حتى في باريس الانوار غالبا ما تكون " جلفة وقاسية " .. وانها في حالات كثيرة تخطىء اهدافها وقد تظلم هذا الفرد او ذاك .. وهذا يحدث في دول ذات مؤسسات أمنية مستقرة منذ مئات السنيين , فكيف بنا والحال يشيرعلى اننا لا نزال نعيش حالة حرب حقيقية مفتوحة الجبهات !! لماذا كل من لم يعجبه هذا الاجراء منا حمل سلاحه واستنهض جماعته تحت راية " يا لثارات عبس " رافعا شعارات المناطقية عليا مع سلاحه ..! أين كانت هذه الحمية مننا حينما كانت ممتلكاتنا تنهب امام اعيننا وكانت دمائنا تسفك على اراضينا التي كنا ندافع عنها في مختلف مناطق النهب والفيد من قبل قوات الاحتلال ؟ هذه رسالتي الى الشباب الذين يتم الدفع بهم من " الخارج " من قبل اولئك الذين تتكدس مئات الملايين في ارصدتهم البنكية , فلا يتورعون في الدفع بهؤلاء الفتية حطبا لمغامراتهم البائسة .. لهؤلاء اقول لهم : افيقوا يا هؤلاء .. ان الاوطان لا تبنى بالتحريض ولا بالمغامرات وانما بالتحمل والصبر والمقدرة على فهم معنى ان يكون لك وطن .