آخر تحديث :الأحد-16 يونيو 2024-01:25ص

اخبار وتقارير


تقرير: حماية البحر الأحمر.. خيارات محدودة ومخاطر واسعة

تقرير: حماية البحر الأحمر.. خيارات محدودة ومخاطر واسعة

الخميس - 11 يناير 2024 - 06:28 م بتوقيت عدن

- ((المرصد))وكالات:

تطرق أستاذ الأمن الدولي في قسم السياسة والفلسفة والدين بجامعة لانكستر البريطانية باسيل جرموند إلى الخيارات القليلة المتاحة أمام الولايات المتحدة لحماية الملاحة في البحر الأحمر.

وكتب في موقع "ذا كونفرسيشن" الأسترالي أن سفناً حربية أمريكية وبريطانية صدت هجوماً شاملاً بطائرات مسيّرة، شنه المتمردون الحوثيون اليمنيون على سفن تجارية في البحر الأحمر.
وكان الحادث، الذي قالت الأنباء إنه تضمن إطلاق 20 مقذوفاً وطائرة بلا طيار وصواريخ كروز هو أكبر هجوم منسق يشنه المتمردون المدعومون من إيران. ووصف وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس الهجمات بأنها "غير مقبولة"، قائلاً إن العواقب على الحوثيين ستكون "وخيمة". وسينظر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قرار اقترحته الولايات المتحدة يدين هجمات الحوثيين، ويطالب بوقفها على الفور.
قامت الولايات المتحدة بتجميع قوة عمل بحرية متعددة الجنسيات للرد على التهديد الذي تتعرض له الملاحة في البحر الأحمر. لكن حتى الآن كانت تأثيرات هذه الجهود محدودة، وفي شرق أوسط مضطرب على نحو متزايد، بدأت الخيارات بالنفاد.
لم تتمكن عملية "حارس الازدهار" حتى الآن من ردع الحوثيين، أو الحد بشكل كافٍ من عدد الهجمات لاستعادة ثقة قطاع الشحن بطريق البحر الأحمر. ولم يتردد المتمردون في ابتكار وتنويع أساليب هجومهم لمواصلة الضغط على الدول التجارية. على سبيل المثال، وبالإضافة إلى الطائرات بدون طيار والصواريخ، استخدموا مؤخراً مسيّرات بحرية.
تهديد غير متماثل
أضاف الكاتب أن التهديد الذي يشكله الحوثيون هو حالة كلاسيكية من الحرب غير المتماثلة. فعبر الاستعانة بوسائل محدودة، أصبح لديهم ما يكفي من النفوذ لتعطيل الاقتصاد العالمي. تعد حرية الملاحة واستقرار سلاسل التوريد البحرية العالمية أمراً بالغ الأهمية بالنسبة إلى الاقتصادات الليبيرالية، التي تعتمد بشكل كبير على التدفق الحر للبضائع في البحر.
وهذا لا يقتصر بأي حال من الأحوال على الدول الغربية. يمثل البحر الأحمر نحو 15% من حركة المرور البحرية العالمية. حتى البلدان غير الساحلية، وتلك الواقعة بعيداً من البحر الأحمر، تعتمد على سلاسل التوريد البحرية البعيدة لوارداتها وصادراتها.
لهذا السبب، تتمتع هجمات الحوثيين بتأثير غير متناسب. إن ارتفاع أقساط التأمين وتكاليف إعادة توجيه السفن عبر رأس الرجاء الصالح سيتسرب ببطء لكن بثبات إلى الشركات والمستهلكين في جميع أنحاء العالم. وقد يكون لهذا التحول تأثيرات دائمة طويلة المدى على الاقتصاد العالمي.
لمواجهة مثل هذا التهديد غير المتماثل، إن الدفاع عن الشحن التجاري بدلاً من منع الهجمات وردعها لا يثبت فاعليته. في الوقت نفسه، إن الرد البحري مكلف بالنسبة للدول المشاركة. وبالنظر إلى كلفة الصواريخ التي تستخدمها القوات البحرية الغربية لتدمير الطائرات بدون طيار الرخيصة الثمن، تصبح نسبة الكلفة إلى الفائدة سلبية للغاية.


لكن ردع هجمات الحوثيين أمر شاق بنفس المقدار، لأن المقاتلين المندفعين سياسياً مستعدون للانخراط في قتال مميت، ولا يخشون التصعيد العسكري أو السياسي في المنطقة.

التهديد ليس مبالغة
ولفت الكاتب إلى أن الجهود الأخيرة التي بذلها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن كانت موجهة نحو احتواء الحرب في غزة، ومنع انتشارها إلى المنطقة بأكملها. لكن صبر الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وغيرهما بدأ ينفد، وثمة إجماع متزايد حول ضرورة ضرب مواقع الحوثيين على الأرض.
اعترف وزير خزانة المملكة المتحدة جيريمي هانت بأنه قد يكون لهذه الهجمات تأثير. وأضاف أنه تم تحذير المتمردين "من أنه ستكون هناك عواقب، ولن نجلس ونقبل ذلك لأنه أمر حيوي للغاية للتجارة العالمية". وهذه ليست مبالغة.


جاءت تصريحات هانت بعد تعهد شابس بأن المملكة المتحدة "لن تتردد في اتخاذ مزيد من الإجراءات لردع التهديدات، التي تتعرض لها حرية الملاحة في البحر الأحمر".
بالاعتماد على صلاحياتها السياسية، يمكن تكييف قواعد الاشتباك الخاصة بالأساطيل البحرية العاملة في البحر الأحمر لتشمل، على سبيل المثال، استهداف الأصول البحرية المعادية في البحر، أو حتى على الشاطئ. لكن ثمة فرق كبير بين إسقاط الصواريخ القادمة، أو تدمير السفن الصغيرة التي تستهدف حركة المرور المدنية في البحر، وضرب مواقع الحوثيين على الأرض. في السياق الجيوسياسي الحالي، يجب اتخاذ هذا القرار مع الاهتمام الواجب.
في الواقع، تنطوي الضربات الجوية على مخاطر إضافية للتصعيد الإقليمي كجذب دول أخرى في المنطقة إلى الصراع. وربما يكون الحوثيون ومؤيدوهم راضين عن تصعيد الحرب في غزة بشكل أكبر. في مكان آخر، ستستفيد روسيا أيضاً من أي سيناريو يتم فيه إبعاد اهتمام الغرب وموارده عن أوكرانيا.

الوقت ينفد
مع ذلك، تابع الكاتب، إذا لم يتم التعامل مع التهديد الحوثي، وإذا كان لا بد من تحويل الشحن التجاري من البحر الأحمر لفترة طويلة، فستكون التأثيرات التراكمية على الاقتصاد العالمي ضارة لمعظم الدول، في الغرب وخارجه.
من المثير للاهتمام أن عدم الاستقرار في البحر الأحمر ليس في مصلحة الصين، ولا في مصلحة أي دولة تجارية كبيرة أخرى غير غربية، لأن اقتصاداتها تعتمد بقوة وبشكل لا يمكن إنكاره على سلسلة التوريد البحرية العالمية.
في واشنطن ولندن والعواصم الكبرى الأخرى، سيكون إيجاد التوازن الصحيح بين الدفاع والإكراه أمراً أساسياً لتأمين السلام في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه حماية سلسلة التوريد البحرية العالمية، والوقت ينفد بالنسبة إلى كليهما.