كتابات وآراء


الثلاثاء - 11 فبراير 2020 - الساعة 01:24 م

كُتب بواسطة : محمد علي العولقي - ارشيف الكاتب



* ذات صيف كبيس لاهب .. جزع (الزين) المنير رصيف فريق (الشرطة) .. متلمسا طريق النجومية .. بعيدا عن حرب النجوم التي كانت على أشدها بين الغريمين (التلال) و (الوحدة) ..
* قناعات (منير زين) دفعته مع (الشرطة) من أسفل إلى أعلى .. كما هو الحال بقاعدة (أرشميدس) ..
* مع بداية لهيب الثمانينات وما ترتب عليها من تغيير جوهري على خريطة المنافسات .. قدم (الزين) أوراق أعتماده إلى المملكة (الزرقاء) ..
* كان يومها برعما يتفتح على عبقرية (عزيز عبدالرحمن) في الدفاع .. و ثعلبية (علي نشطان) في الهجوم .. ومهارة (وجدان شاذلي) على الرواق الأيمن .. و روعة (نور الدين عبد الغني) في مملكة الوسط ..
* بدون مقدمات .. وفلسفة التأقلم مع أجواء الكبار .. ركب (منير زين) ديناصور التحدي .. ومع أول (موال) لحجي أطرب مزمار (منير) كل الحي ..
* بدأ واضحا أن هذا اللاعب بقامته الممشوقة .. القادم من حسيني القمندان .. ونظرته الثاقبة .. وحيويته .. ورزانة فكره .. قادر على اختزال المسافات .. وطي سجادة المساحات .. وصولا إلى (بؤرة) الأحداث الكروية .. التي أقل ما يمكن وصفها بأنها كانت في الجنوب حارقة.. و على صفيح ساخن ..
* كان مدرب (الشرطة) غازي عوض .. مسحورا بهذا الفتى الجريء .. مشدوها بشخصيته القوية المحبوبة .. مأخوذا بقدرته على التحمل .. معجبا بمثاليته في التمارين .. وكان عليه أن يكافئه .. ويمنحه فرصة العمر ..
* ولأن العمر لحظة .. كما يقول الفلاسفة .. فقد أمسك (منير زين) بالناي الأزرق .. وراح مع أول مباراة رسمية له يعزف لحنا شجيا قادما من جناين الحسيني .. وكأنه (فيردي) العظيم الذي ألف (أوبرا عائدة) ..
* ابتسم الحظ الأزرق للزين المنير .. بفضل رعاية وعناية لاعبين دوليين مع (الشرطة) .. أرشدوه إلى نبع النجومية ..
* لن ينسى (منير) حجم الإرشادات التي كان يقدمها القائد الكبير (عزيز عبد الرحمن) صخرة الدفاع .. ولن ينسى توجيهات صانع الألعاب (نور الدين عبد الغني) .. ولا تعليمات الهداف المدهش (علي نشطان) ..
* حجز (منير) مكانا ثابتا في خط وسط (الشرطة) .. وأحال بعض لاعبي الخبرة على المعاش .. من يومها طالت مرحلة (منير زين) الإبداعية مع (الشرطة) .. وأمتدت زهاء عقدين من الزمن .. كان توأما روحيا مصابا بالحمى الزرقاء ..
* ربما كان (منير زين) أسرع لاعب من خارج مجرة القطبين الجنوبيين (الوحدة) و (التلال) .. يدخل حسابات الناخب الوطني مع منتخب (الشباب) .. ويقتحم التشكيلة الأساسية لمنتخب الشباب مع المدربين القديرين (عباس غلام) و ( أحمد صالح قيراط) رحمهما الله .. من النيبال إلى الدمام.. كبر هلال الشرطة حتى أمسى بدرا منيرا لا يأفل ..
* تسلق (منير زين) جدار النجومية مبكرا مثل (عنكبوت) .. راح يغزل من خيوطها ثوبا فضفاضا للفرح الأزرق ..
* كان (وجه السعد) على الشرطة .. فعندما أشتد عوده وساعده كلاعب .. وقع (منير) على الكثير من (أوتوجرافات) الإعجاب والتقدير ..
* يتميز (منير زين) بحدس مقبول.. من النادر أن تجد (جيناته) عند لاعب آخر .. ويمتلك (كاريزما) قائد .. يسخر جهده الكبير لصالح الفريق ..
* استعداد بدني ممتاز .. ومقومات جسدية مثالية للاعب الوسط .. حيث يكثر العراك في هذه المنطقة الهامة .. التي تحتاج إلى حضور ذهني كبير .. وطاقة بدنية و جسدية خارقتين .. تصنعان الفارق ..
* الكابتن (منير) لفحته نيران معارك الوسط .. عصرته المباريات الكبيرة التي أوصلته إلى مرحلة النضوج الميداني المبكر .. غربلت حماسه .. وقننت من انفلاتات أعصابه .. فكان لا بد أن تطرح الأيام الملاح أفضل نسخة ممكنة من لاعب (شامل) .. لا يكف عن التحدي .. والتحليق في سماء اللاعبين الكبار ..
* خاط (منير زين) ثوبا أزرق للفرح .. ففي مرحلة ربيعية .. كان واحدا من فرسان (الشرطة) .. الفريق الذي قمع المنافسين في الملاعب .. وتوج بطلا للدوري في (الجنوب) لموسمين متتاليين ..
* كانت بصمات (منير) على البطولتين واضحة .. فقد كان العمود الفقري لوسط ميدان .. كان يقوده الداهية (نور الدين عبد الغني) .. ولقد أتاح مجهود الشاب (منير) الفرصة لنور الدين أن يضطلع بمهام قيادة اللعب بمزاج سلطان .. مستأنسا بعطاء الشاب المتفجر حركة وبركة ..
* ربما كانت (الجدية) سمة من سمات (الزين المنير ) .. فقد كان يقاتل بسهام ورماح .. لم يعرف يوما الكسل والتكاسل ..
* عندما وصل مؤشر الانخفاض إلى نهايته .. علق ثلاثة لاعبين من (الشرطة) حذاء اللعب محليا .. غادر (عزيز عبدالرحمن) .. وذهب (علي نشطان) لحال سبيله .. وتوارى عطاء (نور الدين عبد الغني) خلف سحابة الاعتزال .. ورحل (وجدان شاذلي).. و عازف الناي (مشتاق محمد سعد) إلى (الوحدة) ..
* لم يعد متبقيا في تاج السلالة الشرطاوية سوى حبة زمرد واحدة .. تتعلق بلاعب الوسط (منير زين) .. ولقد انقض (منير) على القيادة بعد أن بقي وحيدا على الساحة من لاعبي الخبرة ..
* ولقد عاش فريق (الشرطة) محنة حقيقية .. كادت تعصف به رياح (بيروستريكا) الوحدة اليمنية .. لولا الرحلات المكوكية للرحالة (منير زين) ..
* صدر قرار جائر بحق الرياضة العسكرية بعد عام واحد من إعلان الوحدة بين الشمال والجنوب .. يقضي بحل ناديي (الجيش) و (الشرطة) .. وتسريح لاعبيهما إلى الأندية الأخرى ..
* استسلم (الجيش) لرياح (البيروستريكا) السياسية القاتلة .. وتشرد لاعبوه بين صنعاء وعدن .. لكن (منير زين) وحده تصدى لتلك المؤامرة المدمرة .. لقد حمل على عاتقه مهمة الحفاظ على كيان (الشرطة) .. مهما كلفه موقفه الثابت من تصادم مع (حيتان) المؤسسة العسكرية في (صنعاء) ..
* لف (منير زين) بملف ناديه (كعب داير) كل الجهات ذات العلاقة .. لم يرهقه شتاء صنعاء القارص للأذن والجاعث للأنف .. لم يساوم في قضية ناديه العادلة .. وهو يطوف الوزارات المعنية متكئا على إنجاز فريقه الذي حل رابعا في أول دوري تصنيفي في عهد (الوحدة) ..
* كانت حجة (منير) دامغة .. أفحمت أقطاب المؤامرة .. ولأن (منير) تسلح في مرافعته عن فريقه بعقلية محامي حاذق .. وقدرة على ترويض مواد القانون .. وتطويعها في خدمة قضية ناديه .. استطاع أخيرا أن يكسب القضية بالنقلة الشطرنجية الرهيبة (كش ملك) ..
* تحول القائد (منير) في نظر الجيل الجديد لفريق (الشرطة) إلى بطل عسكري قدير .. فكان خير معين للفريق الذي بقي في عهده وفيا لدوره الكبير في خدمة الكرة الجنوبية ثم اليمنية ..
* غادر (منير زين) الملاعب بمنتهى الأدب .. فعلى الرغم من إنجازاته مع الفريق .. ودوره في الحفاظ على كيان النادي من التمزق .. وقدرته على قيادة الجيل الجديد .. لم يطلب مهرجانا للاعتزال .. ولم يذهب للتسول أمام بوابة الوزارة .. لقد حمل أمتعته وغادر تشيعه نظرات الإعجاب والتقدير لهذا المعطاء .. الأشبه بنخلة خير يتساقط من عرجونها رطبا جنيا ..
* خرج (منير) من دار (الشرطة) بلا وظيفة تعينه .. وبلا تقدير من الاتحاد العسكري .. يمم وجهه شطر (الامارات) .. وأتخذ منها جنته في الأرض .. هناك وجد التقدير الكبير من أبناء حكيم العرب (الشيخ زايد بن سلطان) .. وفي تلك الجنة أهدى (الإمارات) نجليه الصغيرين (زايد) و (خليفة) ..
* وهناك في ملهمته (الإمارات) .. حافظ على سلوكه القويم .. وهو يقدم خدماته المجانية للمنتخبات اليمنية .. كان يسارع إلى احتواء المنتخبات .. وتوفير سبل الراحة .. لما يمتلكه (منير) من حضور وعلاقات مع رجالات الاتحاد الإماراتي لكرة القدم ..
* أنتظرنا من اتحاد الكرة تكريمه .. ومنحه حرية مساحة قانونية يتحرك فيها .. لكن لا كرامة لمنير في قومه ..
* يظل (منير زين) شمعة تحترق في الغربة لتضيء الطريق أمام مهام الكرة اليمنية ..
يقدم خدماته في صمت .. ويمارس عشقه للكرة بروحه التي تحلق فوق رءوسنا .. وأخلاقه العالية التي نلجأ لها كلما أصابنا قحط الحاجة ..
* كتب (منير زين) سيرة حياته الكروية بدموعه و عرقه وسهره .. لم يكن إلا قائدا متواضعا ومحبوبا .. قدم زهرة شبابه لناديه ووطنه .. وتناساه دخلاء الرياضة .. لكن جحود هؤلاء الجهلة اصطدم بكرم (منير) وبعشقه لأهله و ناسه ووطنه .. تذكروا فقط أن الرجل الذي تعتصره الغربة .. لم يطرب مزماره الحي اليمني .. لكننا نحن عشاقه نتذكر دائما أن الزين جزع مرة ومرات محملا بكرم أزرق الهوى لا يسكن غير قلوب البسطاء..
ليتكم تعرفون قيمة هذا (الزين) المنير الشريف العفيف .. البعيد كليا عن عيون من خدمهم لاعبا وإنسانا .. يدفع ثمن حبه لنا من عمره الطويل ومن خدماته التي لا ينضب نهرها..
* كابتن (منير زين).. لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا .. !