كتابات وآراء


الخميس - 14 مايو 2020 - الساعة 09:46 م

كُتب بواسطة : عيدروس النقيب - ارشيف الكاتب


لا أخفي أن لدي مجموعة من المتابعات ل أحاول من خلالها رصد الوضع الذي يمر له حزب الرئيس السابق (المؤتمر الشعبي العام) ما زلت أحاول من خلالها إجراء قراؤة موضوعية سيسيولوجية وسياسية وأنثروبولوجية بعيدا عن الموقف الشخصي من الحزب وقياداته وسياساته، لكنني أرجأت عرضها لآسباب كثيرة، من بينها أنني ما زلت أشعر بالشفقة على الكثير من الزملاء التاشطين والقادة المؤتمريين الذين ارتبطت معهم بعلاقات زمالة وود شخصيين وعمل مشترك تجاوزنا فيها كثيراً الاختلافات السياسية، واحترمنا فيها الخصوصية الفردية وفصلنا فيها بين الموقف السياسي وبين العلاقات الإنسانية.
هذه التناولة ليست بديلاً عما دونته من متابعات، لكنني اضطررت لها نظراً للحالة البائسة التي وصل إليها بعض المحسوبين على هذا الحزب، إن كان ما يزال حزباً واحداً ولم يتحول إلى عدة مؤتمرات شعبية عامة، فمنذ أشهر لاحظت أن مؤشر الخطاب المؤتمري (لدى البعض) قد تراجع عن الحماس الذي بدأ فيه عند ما أسموها انتفاضة ديسمبر، وبعيد مقتل الرئيس صالح، وبدا وكأن هذا البعض يقول للحوثيين: نحن آسفين لإدانتنا لكم على التصفية الجسدية للزعيم، لقد أخطأنا فسامحونا ودعونا نعود مثلما كنا في العام 2014م.
وصنف ثاني راح يتودد للإخوان في الإصلاح ويحاول شطب المواقف والضحايا والمواجهات الدموية التي تسببت بها الثورة الشعبية الشبابية السلمية في 2011م بل وقد قرأتٍ تصريحات تقول بالحرف الواحد: نسامحكم عن حادثة مسجد النهدين وسامحونا عن جمعة الكرامة، ولنفتح صفحة جديدة نطمر فيها ما فرقنا في الماضي ولاقت تلك الدعوة استحسانا من قبل الكثير من القيادات الإصلاحية، وفي العموم فإن أية مصالحات ذات أهداف نبيلة لا بد أن تكون محل ترحيب.
إنني لا أتحدث عن فريق صنعاء الذي يدين أي شيء وأي شخص أو حزب أو جهة في الشمال والجنوب، عدا الحوثيين الذين خطفوا الدولة وقتلوا الزعيم، بل إنني أتحدث عن جماعات غادرت صنعاء هرباً أو تهريبا وتناثرت بين القاهرة والرياض وأبو ظبي وعمان وربما اسطنبول والدوحة.
كلا الفريقين الذين أشرت إليهما (غير فريق صنعاء) يتفقان في التودد للحوثيين والإخوان في الإصلاح ويشاركانهما في التندر والتشهير بالرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي والتهجم عليه والتلويح ضده بأدوات ضغط لا أحد يعلم كنهها، لكنهما يتفقان في ما هو أهم وهو الحرب على الجنوب، وكل شيء جنوبي، ونسب كل مآسي اليمن والجنوب بشكل أساسي إلى دولة الإمارات الشقيقة، وهكذا ينسون (أو يتسترون على) كل المفاسد والمظالم والموبقات والمنكرات التي تسبب بها النظام السابق (ابنهم أو أبوهم الشرعي) على مدى ثلث قرن، وينسبون كل نتائجها المأساوية إلى ثلاث سنوات تواجد فيها الأشقاء الإماراتيين في عدن وبعض المحافظات قدموا فيها من الشهداء والأموال والمعونات العينية والفنية والمهارات والخدمات ما لم يقدموه هم وحزبهم لعدن والجنوب على مدى ربع قرن من الاجتياح والاستباحة.
لست من محبي الشماتة والتشفي ولا أسمح لنفسي أن أكون كذلك، لكنني أستغرب من جماعة تسببت بآلاف النكبات لكل البلد ثم تلقت عدة صفعات مؤلمة من أطراف عدة خدمتها وأسدت لها جمائل لا حصر لها، بيد إنها تتغاضى عن كل هذا فتتجه بهجماتها وشتائمها ومقذوفاتها اللفظية إلى الطرف الوحيد الذي كان أبرز ضحاياها دون أن يرد لها ولو ركلة صغيرة من باب "رد الجميل" أو من منطلق "مثلما تَعطِي تُعطَى".
كل ما قلته هنا لا يلغي احترامي وتقديري للكثير من الكوادر المؤتمرية المهنية التي ما تزال تحافظ على شيء من توازنها ولم تنزلق في متاهات الانحدار والهبوط، أو تلك التي كانت شيئا ذا قيمة قبل التحاقها بالمؤتمر وقدمت له أكثر مما أخذت منه ولم تنل منه إلا تهمة الانتماء فقط.
بقيت الإشارة إلى أن الكثير من النشطاء المؤتمريين الذين يحرضون ضد الجنوب ويكيلون السباب والشتائم لدولة الإمارات العربية المتحدة وأسرة آل نهيان، ما تزال ماهياتهم الشهرية تأتي من ودائع في البنوك الإماراتية ويتم التوقيع عليها في أبو ظبي، تماما كما يفعل جماعة اسطنبول وعمّان مع الأشقاء في السعودية.
ولله في خلقه شؤون