كتابات وآراء


الإثنين - 10 أغسطس 2020 - الساعة 09:57 م

كُتب بواسطة : محمد ناصر العولقي - ارشيف الكاتب


أكثر بكى بكيته وأكثر ضحك ضحكته داخل السينماء كان في فلم هندي اسمه الصديقان ( دوستي ) .
كنت في عمر الرابعة عشر سنة تقريبا حينما عرض في سينماء جعار هذا الفلم ، وكان يحكي عن طفلين جمعتهما صداقة وطيدة وتعرضا لمواقف مأساوية تبكي الحجر .
أثناء الفلم كان يجلس بجانبي رجل تجاوز الثلاثين سنة وكان مثل كل من في قاعة العرض متفاعلا مع مجريات الأحداث ويبكي بكاء صامتا ثم زاد تفاعله وبدأ ينتحب وقد أثر علي فبدأت أبكي أنا أيضا بصورة أكثر وعندها انتقلت العدوى إليه فزاد نحيبه وبدأ جسمه ينتفض فالتفت القريبون منا نحوه ونحوي حتى شعرت بالحرج ولكي أداري وضعي وضعت يدي على كتفه محاولا تهدئته لإيهامهم إنه السبب وأقول له أن ما يحدث هو مجرد تمثيل وليس حقيقة ولكن الرجل لم يهدأ وراح يبكي ويتشنهج ويقول لي وحنجرته مخنوقة بالبكاء : بس يا خي حرام والله ... العيال مساكين ... وذاك أمه ماتت .. وإنا أقول له : يا خي تمثيل تمثيل وهو ولا كأنه يسمعني بل واصل البكى والنحيب فتحول بكائي الى ضحك ولكن على خفيف لأني كنت مستحيا منه وظللت أتابع بكاءه بدلا من متابعة الفلم وأكبت ضحكي وفي لحظة ما فقدت السيطرة على نفسي وانتابتني موجة من هستريا الضحك كأني أمام مشهد كوميدي فضحكت ضحكت ضحكت وقمت من مكاني الى باب الخروج وتحول الناس الذين كانوا بقربنا من حالة الحزن على الطفلين والاستغراب من نحيب صاحبنا الى الضحك معي أيضا ومع ذلك ظل الرجل مستمرا في نحيبه .
مازلت الى الآن أتذكر الموقف وأتذكر ملامح الرجل وشميزه الرمادي وبنطلونه الأسود وأضحك .