عرض الصحف

الأربعاء - 01 يوليه 2020 - الساعة 10:16 ص بتوقيت اليمن ،،،

((المرصد))وكالات:

يخوض رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي معركة على أكثر من جبهة لإثبات قدرته على إدارة شؤون البلاد ومن ضمنها محاولة حصر السلاح بيد الدولة، بما يعني عملياً نزع سلاح الميليشيات وهي مهمة تبدو مستحيلة، مع وجود فصائل مسلّحة ترفع سلاح الدين، فيما يجد الكاظمي نفسه مطالباً بتصويب المعادلات التي حكمت العراق بعد صدام، وأهمها التخلّص من الاحتلال الذي هو اليوم إيراني بالدرجة الأولى.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الأربعاء، أكد رئيس الوزراء العراقي رفضه المساس بسيادة البلاد، بينما ينفتح المشهد السياسي العراقي على المزيد من الانقسامات والخلافات، خاصة بين المكون الشيعي على إثر اعتقال قوة من مكافحة الإرهاب عناصر من حزب الله العراقي الموالي لإيران.

رفع سلاح الدين

وفي التفاصيل، أفادت صحيفة "العرب" اللندنية، في تقرير لها، أن "الميليشيات الشيعية أشهرت سلاح الدين في حملتها الضارية على رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، محاولة نزع الشرعية السياسية والأخلاقية عنه، إثر أول محاولة له لضبط انفلاتها في عملية المداهمة التي نفّذها جهاز مكافحة الإرهاب الجمعة الماضية لمقرّ تابع لكتائب حزب الله العراقي بمنطقة الدورة جنوبي العاصمة بغداد كانت تستخدمه في التجهيز لهجمات صاروخية على مواقع حكومية ومقرّات دبلوماسية أجنبية".
ورفضت الكتائب التي تعتبر من أكثر الفصائل العراقية المسلّحة ارتباطاً بإيران وولاء لها، إخضاع سلاحها لسلطة الدولة، على مفهوم "القدسية" الذي تمّ الترويج له على نطاق واسع خلال مشاركة تلك الفصائل في الحرب ضدّ تنظيم داعش ضمن الهيكل الذي جمعها تحت مسمّى الحشد الشعبي، مشددةً أنّ "سلاحها لن يحصر أو يحصى إلاّ على يد صحابة المهدي المنتظر الـ313".
ومن جهة أخرى، يحظى الكاظمي في مساعيه لنزع سلاح الميليشيات بتأييد رئيس الجمهورية برهم صالح، الذي شدّد، على ضرورة ضبط السلاح المنفلت في البلاد وفرض القانون على الجميع.
ويخشى عراقيون من أن تكون الحملة الشعواء التي تشنّها أحزاب وفصائل مسلّحة على رئيس الوزراء العراقي مقدّمة لنزع الشرعية عنه وإسقاطه، ما قد يسبب فوضى عارمة بالنظر إلى خطورة المرحلة التي يمرّ بها العراق حالياً.

المغامرة الشجاعة

وفي مقال للكاتب حازم صاغية في صحيفة "الشرق الأوسط"، بعنوان "المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي"، قال إن "مصطفى الكاظمي يجد نفسه مطالَباً بتصويب المعادلات التي حكمت العراق في مرحلة ما بعد صدّام، أي بالحفاظ على التحرير والاستثمار فيه مقابل التخلّص من الاحتلال الذي هو اليوم إيراني بالدرجة الأولى. والحال أنّ تصويب المسار إنّما يرقى إلى إنهاء الصدّاميّة المقلوبة، أي إنهاء مبدأ تحويل البلد ساحة للصراعات والحروب التي تتذرّع بالقضايا".
وأضاف أن "الخروج من الصدّاميّة المقلوبة يمرّ في تخفيف الاحتقانات الطائفيّة المتراكمة والتي لعبت طائفيّة السلطة (السنّيّة مع صدّام، والشيعيّة بعده) دوراً بارزاً في تأسيسها".
وأرف الكاتب إن "ما يحاوله مصطفى الكاظمي قرار شجاع وخطير"، فاستخلاص العراق من الوصاية الإيرانيّة قد يكون صعباً وأشدّ استدعاءً للحذر واليقظة، خصوصاً أن التوتّر الإيراني الأمريكي يبلغ في المنطقة كلّها درجة غير مسبوقة".
وختم مقاله قائلاً: إن "نظام طهران ليس من تلك الأنظمة العقلانيّة التي تعترف بضعفها حين تضعف وتفاوض الآخرين انطلاقاً من توازن قوى جديد. إنّها أنظمة تكابر على ضعفها، فتُنكرهُ وترسم صورة عن انتصارات تتلاحق. إلا أنّها، في الوقت نفسه، تلجأ إلى أكثر الوسائل جرميّة لمنع الواقع من أن يتغيّر. أغلب الظنّ أنّ الكاظمي يعرف عن هذه الأمور أكثر مما نعرف".

رفض المساس البسيادة

وفي ذات السياق، أكد الكاظمي رفضه المساس بسيادة البلاد، قائلاً: "نطمح بعزم أن يحكم العراقيون أنفسهم بأنفسهم وترسيخ قيم المواطنة ورفض أي مساس بسيادتنا الوطنية".
ووفقاً لصحيفة "البيان" الإماراتية، أشار الكاظمي إلى أن استراتيجية الحكومة تقوم على إعداد انتخابات مبكرة نزيهة واستكمال بناء مؤسسات الدولة، مؤكداً على أهمية دور العشائر العراقية في دعم الدولة والقانون والسلم الأهلي.
ويأتي ذلك، بعد أيام على مداهمة هي الأولى من نوعها، نفذها جهاز مكافحة الإرهاب فجر الجمعة الماضي، جنوب بغداد، أفضت إلى توقيف 14 عنصراً من كتائب حزب الله على خلفية إطلاق صواريخ باتجاه المنطقة الخضراء واستهداف سفارات أجنبية، والتخطيط لإطلاق صواريخ باتجاه مطار بغداد. إلا أنه مساء الاثنين أعلنت مصادر عراقية عن إطلاق سراح المعتقلين، دون أن يصدر بيان رسمي.

خلافات وانقسامات

وعلى الصعيد نفسه، انفتح المشهد السياسي العراقي على المزيد من الانقسامات والخلافات خاصة بين المكون الشيعي، بعد عملية الاعتقال، حيث يعتزم تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم تشكيل تكتل برلماني من 50 نائباً لدعم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
وذكر صحيفة "ميديل إيست أونلاين"، الإلكترونية في هذا الشأن، أن "توقيت مبادرة الحكيم الذي يبحث بدوره عن تموقع سياسي أكبر ونفوذ أوسع في الساحة العراقية ويقدم نفسه كقوة جامعة وموحدة، يشير إلى خلافات بين المكون الشيعي في التعاطي مع الكاظمي وسياساته".

ويُرجح أن الحكيم الذي سبق له أن نأى بتياره عن الخلافات السياسية التي رافقت تشكيل حكومة الكاظمي، يحاول ضرب عصفورين بحجر واحد، فالرجل يعمل على استعادة مكانة تياره في الساحة العراقية في مواجهة الكتل البرلمانية الشيعية: الفتح بقيادة هادي العامري الموالي لإيران و'النصر' بقيادة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي و'سائرون' بزعامة رجل الدين النافذ مقتدى الصدر وهي الكتلة التي شكلها بالتحالف مع الشيوعيين.
ويبدو أن الكظمي يُكابد لإثبات سلطته وقدرته على إدارة الدولة وسط ملفات متشعبة ومشاكل متداخلة وعلاقات متوترة مع بعض الفصائل الشيعية الموالية لطهران وعلاقات معقدة مع حليفي بلاده والخصمين في آن: الولايات المتحدة وإيران".
ويحتاج الكاظمي بالفعل إلى حزام سياسي للمضي قدماً في برنامجه السياسي ولتنفيذ الأولويات التي أعلنها بمجرد توليه منصبه ومن ضمنها تلبية مطالب المحتجين ومحاسبة الفاسدين وكبح سلاح الميليشيات، فيما يبقى كبح النفوذ الإيراني معلقاً إلى اجل غير مسمى.