كتابات وآراء


السبت - 07 مارس 2020 - الساعة 04:17 م

كُتب بواسطة : مصطفى المنصوري - ارشيف الكاتب



بعد سقوط الجوف كأن الحرب تعود إلى بداياتها عام 2015م ، نهم والجوف ومأرب جسد وجناحي الحوثيين الذي سيحلق بهم عاليا على خارطة الجنوب واليمن ، من الطبيعي أن ينسحب ويسلم إخوان اليمن مناطق الشمال للحوثيين من تعز حتى الجوف وقد حررها التحالف سابقا في عام 2015م ، لم يخرج إخوان اليمن من مناطق الشمال إلا بعد أن ثبتوا أقدامهم على مناطق في الجنوب تتساوى في أهميتها وتزيد في ثرواتها عن مأرب والجوف وهي شبوة وحضرموت ، ما بعد اتفاق الرياض استشعرف إخوان اليمن أن الدائرة ترسم عليهم كقوة عسكرية وسياسية وأن اتفاق الرياض في أصله يؤسس إلى بعثرة قوتهم وتوجيهها نحو استنزاف لا يخدم أهدافهم فمعركة صنعاء بدرجة رئيسية في منظورهم البعيد هي معركة التحالف العربي وسياستهم في أصلها حفاظهم على قوتهم السياسية والعسكرية مع إنهاك الخصوم بعضهم ببعض والانقضاض على الحكم مهما تشعبت وطالت المعركة .
تمدد الحوثيين بهذه السرعة يؤسس لفرض واقع سياسي جديد يصب بدرجة رئيسية تسيدهم المشهد السياسي القادم ، لا يعني خروج مجلس الأمن الدولي بتمديده لعام أضافي من العقوبات والحصار على جماعة الحوثيين وحلفاءها وداعميها إلا من أجل تحريك ملف في داخلة التسوية التي ستتلاءم مع وقائع الأرض وليس مع ما قامت عليه الحرب في اليمن لذا نقاط كيري التي رفضتها الشرعية بقوة في السابق تتجدد اليوم في تحركات بريطانيا التي تنطلق أساسا من إزاحة هادي والشرعية وتشيكل حكومة واسعة ومرحلة انتقالية يتأسس منها المشروع السياسي القادم لليمن بعيدا عن التحالف العربي وهي نظرة المبعوث الاممي غريفيت .
في الاتجاه الآخر لا يمكن إغفال الترتيبات العسكرية الجديدة لطارق عفاش على مستوى قيادته لجبهة الساحل الغربي وقيادته أيضا بمعية صغير بن عزيز والوائلي وبتوجيه من التحالف العربي لتحرير الجوف بعد أن سقطت بيد الحوثيين ، إذا ما كتب لهذا التحرك العسكري الجديد والبعيد عن جلباب الشرعية النجاح خصوصا في الجوف فهذا معناه حصار مهلك لقوات الأخوان الهاربة من مواقعها والتي تموضعت في مناطق الجنوب مؤسسة بذلك حالة من الإرباك للتحالف العربي وخلق حالة من أللاستقرار العنيفة في الجنوب ، ومن جهة أخرى استعادة الجوف مجددا عبر هذه القيادة العسكرية ذات الجذور المؤتمرية ستؤسس لمعارك قادمة تصب بمجملها في صياغة خارطة جديدة لليمن بلاعبين سياسيين لا يقلون مكرا ودهاء وحكم عن الحوثيين وهم المؤتمريين الأقرب للسعودية .
استنزاف كثير من قوة الحوثيين في الجبهات المتعددة وحالة الهوة المجتمعية الفاصلة بينهم وبين الشعب في الشمال وتمددهم في مناطق حديثة سلمت لهم دون معارك يعزز من إمكانية خلخلة حد إضعاف قبضتهم أما القوة الصاروخية الدفاعية والهجومية المهددة للداخل والجوار والأمن البحري الاقليمي والدولي ستتلاشى بتلاشي سيادة الحوثيين على الأرض .
لا غبار إن اتفاق استكهولم واتفاق الرياض أعطى استراحة للتحالف العربي لتصفية الملعب الشائك بتعقيداته المربكة فمن جهة سقوط صنعاء من اتجاه الحديدة دون وجود قوة عسكرية وسياسية بديلة تتوافق مع أهداف التحالف العربي تعد مشكلة وخطر أكبر فإذا سقطت الحديدة سابقا ستتمرد صنعاء مجددا على نفسها والمحيط لأن القوة البديلة لها امتداد عالمي وتنسيقات وتحالفات لا تقل في خطرها عن الحوثيين وهم الإخوان كما وان سقوط عدن بيد الإخوان في أغسطس من العام الفائت خطره يكمن في نهاية التحالف برمته من اليمن فجاء اتفاق الرياض ليقيد كلا القوتين الانتقالي والإخوان ووضع كليهما في خانة من العراك والخصام داخل غرف الحوارات بلا أدنى تأثير على خط سير السعودية في معركتها الرئيسية مع الحفاظ على المناطق الجنوبية المحررة وذات المخزون القتالي الهائل للتحالف العربي في درجة من الاستقرار غير المربك أيضا للمعارك البعيدة والتفاهمات السياسية القادمة .
لن تعود الإمارات مطلقا وستكون ضيفة شرف لأي توقيعات قادمة وحلول مستقبلية وستتفاخر بجرحاها فقط وبمدى تأثيرها على خارطة اليمن القادم في صالة مغلقه لا غير إسوة بكل الوفود التي ستحضر لتوقيع الحل النهائي أو أي حلول لنزاعات مستجدة ، السعودية تتحرك على كثير من الأوتار الحساسة وتسعى جاهدة لإشراك حلف دولي أوسع ينطلق من حماية العالم لمصالحه في الممرات المائية على بحر العرب والأحمر ومضيق باب المندب وهرمز وتؤسس لطمأنة عمانية في حاجتها البسيطة المستقبلية في المهرة ، تفعيل دور الرقابة المائية الأمريكية كانت البداية لحقها مخاطبة أمريكية للأمم المتحدة بتقليص حجم المساعدات الإنسانية لمناطق سيطرة الحوثيين وإرباك حد إضعاف إيران من عمقها وداخلها بمجملها تعد حرب نفس طويل أهمها دراسة القوة التي يملكها الحوثيين وقنوات نهوض هذه القوة وفي مقابل ذلك يؤسس لقوة أكبر للانقضاض على كل ذلك .
الانتقالي سيراوح بقاءه تحت سجاد التحالف العربي وينسج له من تحت هذا الموقع أحلام دولته القادمة التي قيدها بإرادته ومن تلقاء نفسه كجزء من المنظومة السياسية القادمة لأي حل سياسي كما أوضحها اتفاق الرياض الذي يتفاخر به وبسقف ليس كما يصرخ به أيضا ، فشل الانتقالي الجنوبي في إيقاف قتل أتباعه وتفكيك قوته العسكرية ومطاردة أفراده وقادته العسكريين حد اجتثاثهم وتهديم منازلهم في شبوة وحضرموت ، لقد بعدت عنه سقطرى وكذا المهرة وخروجه عن حماية معاشيق والشرعية في عدن معناه خروجه من المشهد برمته ، سيتأسس فعلا حل للجنوب وسيرسم هذا الحل ولكن بصورة تعكس حقيقة واقعه المتشظي المقسم المنهك المفتت من داخله وعدم قبول نسيجه المجتمعي لبعضه البعض حتى يتجنب مستقبلا أي تصدعات قادمة منه ومربكة للحل المستدام .