كتابات وآراء


الثلاثاء - 26 ديسمبر 2023 - الساعة 11:19 ص

كُتب بواسطة : احمد عقيل باراس - ارشيف الكاتب


--------------------------------------------------------------------------
قوة دولة إسرائيل ليس بما تملكه من عتاد وأسلحة ولا بالدعم الأمريكي اللامحدود الذي تحصل عليه ولا بتدليل المجتمع الدولي لها فلا يوجد مقارنة بينها وبين ما تملكه المقاومة الفلسطينية مجتمعة وليس حماس لوحدها ولا حتى بينها وبين جيرانها لا من حيث التأييد ولا من حيث الأسلحة وهذا التفوق في ميزان القوى بين الطرفين أو قل الأطراف جميعا لم يكن جديدا عليها بل متأصل منذ تأسيس هذه الدولة وحتى اليوم ولا نعتقد أننا بحاجة لبرهنة هذا التفوق وتعداده لإثبات صحة كلامنا... فإلى قبيل الأحداث الأخيرة التي شهدتها غزة لم تكن قوة إسرائيل مطلقا نابعة من فوهة البندقية التي تحملها ولا من أزيز الطائرات التي تملكها ولا من حداثة الدبابات والمدرعات التي تصنعها ولا من الحماية والتدريب المستمر والحماية الشخصية الذي توفره لجنودها.
قوة إسرائيل الحقيقية وسر تفوقها الدائم على ما سواها من خصومها سوء داخل حدود دولتها أو فيمن جاورها من محيطها الإقليمي حرص قادتها وشعبها معا في تعاملهم الأخلاقي مع أعدائهم وخصومهم الداخليين والخارجيين واحترامهم ولو شكليا للنظام والقانون الذي سنوه لأنفسهم وتعاملوا به حتى مع أعدائهم وجعلوه فيصلا وحكما فيما بينهم جميعا على حد سواء حتى أضحت إسرائيل تمثل أنموذجا فريدا في الوطن العربي لكيفية التعامل مع الخصوم لدرجة أن أصبحت مضرب للأمثال فكان للصور التي كانت تاتينا من إسرائيل وتناولتها معظم وسائل الإعلام حينها بما فيها وسائل الإعلام المعادية لها بالغ الأثر في آخذ هذا الانطباع عنها ففي أذهاننا لا زالت عالقة صور كثيرة مازلنا نحتفظ بها تعبر عن قوة اسرائيل الحقيقية منها الصور التي نشرتها وسائل الإعلام لشبان فلسطينيين حاملين بايديهم الحجارة ويقومون بمطاردة جنود اسرائيليين مدججين بالسلاح بينما يفر امامهم هؤلاء الجنود هاربين فكنا نضحك من مفهوم الشجاعة لدى البعض التي راؤها فيمن يحمل الحجر بينما رائها كثير ونحن منهم فيمن يحمل السلاح ويفضل الهرب على اطلاق النار كذلك لا زلنا نتذكر بعض من المشاهد التي حدثت اثنا احتجاجات الحراك الجنوبي عندما حاول بعض المحتجين رشق جنود من الامن المركزي الذين اتو لتفريقهم رشقهم بالحجارة فمنعهم زملائهم من فعل ذلك خوفا عليهم من ردة فعل الجنود وبطشهم بهم قائلين لهم انكم لستم في اسرائيل وغيرها كثير من الحوادث التي كانت في مجملها تحسب لصالح اسرائيل المجال هنا لا يتسع لذكرها وكانت جميعها تمثل اساس مصدر قوة اسرائيل.
غير أن قوة إسرائيل هذه والتي ظلت محافظة عليها طوال الفترات الماضية ولم تتأثر إطلاقا بما يجري حولها من أحداث ولا بما يضمره لها محيطها من عداء تخلت عنها اليوم ليحل بدلا عن ذلك روح الانتقام باستخدامها لكل قوتها العسكرية في تدمير وقتل إعداد كبيرة من المواطنين الفلسطينيين في غزة على خلفية أحداث 7 أكتوبر التي استهدفت فيها حماس مستوطناتها ولتستعيض ولأول مرة عن قوتها الحقيقية بما تملكه من أسلحة وعتاد لذلك وبرغم القوة المفرطة التي لجاءت إليها إسرائيل اليوم وتفوقها باستخدامها لكافة آلات الدمار من مختلف أنواع أسلحتها الجديدة والقديمة فإنها لم تبدو ضعيفة في يوم من الأيام طوال تاريخها مثلما تبدو عليه اليوم من الضعف وإذا ما استمرت طويلا على هذا المنوال فإن الخسارة ستتوسع وفي النهاية سيكون الخاسر الأكبر من كل ذلك هو المواطن الإسرائيلي الذي تأخذه حكومة بلده نحو المجهول فما ترتكبه إسرائيل اليوم في غزة يعد بكل المقاييس سقوط اخلاقي للقيم التي تدعي إنها قامت عليها دولتهم وهذا هو الخطر الحقيقي على اسرائيل اخطر بكثير من صواريخ حماس.