آخر تحديث :الأحد-08 ديسمبر 2024-03:40م

الاستطلاعات والتحقيقات


المرأة اليمنية في زمن المليشيا: الأرقام تتحدث

المرأة اليمنية في زمن المليشيا: الأرقام تتحدث

الخميس - 12 نوفمبر 2020 - 10:26 م بتوقيت عدن

- (المرصد)متابعات

تقرير: مريم المسوري

تعرّضت المرأة في ظلِّ إجرام المليشيات الحوثية لمختلف أنواع القمع وأشكال الانتهاكات، وكان مفتتح ذلك حرمانها من حق العيش الكريم وحتى الحياة، ومضاعفة أعبائها بقتل عائل أسرتها، في ظلِّ صمت دولي وعجز عن تقديم المساعدة الضرورية لها، وهذا الأمر يزداد سوءًا مع مرور الأيام وبقاء المليشيات.

انتهاكات بالجملة

أوَّل عنوان تصدّرت به مليشيات الحوثي المشهد عقب انقلابها في سبتمبر/أيلول 2014م كان القتل إذ قتلت مئات النساء بقصفها العشوائي للأحياء السكنية أو مداهماتها المنازل، إضافة إلى قتلهن أثناء الاشتباكات التي تحدث، وحتى عمليات القنص التي تقوم بها المليشيات في كثير من المحافظات، وأبرزها تعز التي ما تزال جبهة ساخنة تحتدم فيها المعارك بشكلٍ متقطّع.

ومن لم تُقتل برصاص وقذائف ميليشيا الحوثي أصبحت تعاني من إصابات بعضها جعلها معاقة، فضلًا عن حدوث تشوّهات مختلفة لفقدان عضو في جسمها، وهو أمرٌ يصعبُ على كثير من النساء تقبله.
في تقرير صدر حديثًا هذا العام عن منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان في العالم العربي وثقت فيه 16667 انتهاكًا ارتكبتها بحق المرأة اليمنية منذ سبتمبر/أيلول 2014 وحتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2019، في 19 محافظة، بينها 919 حالة قتل، و1952 إصابة، جاءت مدينة تعز في المركز الأول بعدد 115 حالة.

تقدّر كذلك وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية، ابتهاج الكمال، عدد القتلى من النساء منذ انقلاب الحوثيين في 2014، بـ500 امرأة، فضلًا عن إصابة 1950 امرأة حتى مارس/آذار 2019.

ضحايا الألغام والتهجير

زرعت ميليشيا الحوثي أنواعًا عديدة بينها المضادة للأفراد المحظور استخدامها، وسقط جراءها عدد من النساء قتلى وجرحى، وهو ما أثّر على حياتهن بشكل دائم، خاصة أن اليمن لا تتوافر فيها مراكز الأطراف الصناعية الجيدة التي تساعد المصابين على تخطي إعاقتهم وممارسة حياتهم بشكل طبيعي كالسابق.
وتحقـق فريق منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان من مقتل 113 امـرأة جراء انفجار ألغام زرعتها ميليشيا الحوثي، بعضها داخل أحياء سكنية وأسواق، بينهم 38 امرأة في تعز، 23 امرأة في الحديدة، و13 امرأة في الجوف، و9 نساء في لحج، و30 امرأة في أنجاء متفرقة من المحافظات اليمنية المشتعلة، منذ أواخر 2014م وحتى أواخر 2019م.

وفي تقرير آخر للمرصد اليمني للألغام، كشف عن مقتل 484 مدنيًا جراء الألغام التي زرعتها ميليشيا الحوثي في 18 مديرية من أصل 23، وبلغ القتلى من المدنيين منذ مارس/آذار 2015 وحتى مايو/آيار2020م، 484 منهم 117 امرأة، فضلًا عن تعرّض 1245 لإصابات وتشوهات وإعاقات، منهم 193 امرأة.

وتعمد ميليشيا الحوثي كذلك إلى تهجير المواطنين من منازلهم، بينهم آلاف النساء، كعقاب جماعي تفرضه عليهم، في محاولة منها وسعي حثيث لإحداث تغيير ديموغرافي. ورصد تقرير للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة تهجير الميليشيا لقرابة 350 ألف شخص خلال 2019 فقط، الأمر الذي يضاعف معاناتهم بسبب عدم الاستقرار الذي يعيشونه لاحقًا، وينعكس بشكل مباشر على المرأة.

تجنيد واعتقال

تتعرّض كثير من النساء في مناطق سيطرة الحوثيين للاعتقال، وقد وثّق تحالف رصد 220 امرأة بينهن ناشطات وطالبات معتقلات لدى ميليشيا الحوثي ومخفيات قسراً. وما تزال الأعداد تتزايد يومًا بعد آخر، فقد كشف مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان في تقرير حديث له عن وجود ما يقارب 300 امرأة خلف قضبان الحوثيين بعضهن في سجون سرية. وتتحدث منظمة رايتس رادار عن تعرّض النساء في سجون الحوثيين لكلِّ أشكال التعذيب، فضلًا عن تصفية كثير من المفرج عنهن لاحقًا.

اعتداء وضرب

طال الاعتداء والضرب كثيرًا من الناشطات وغيرهن، وحتى أمهات المختطفين اللائي يخرجن من حين إلى آخر لتنفيذ وقفات احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن آلاف اليمنيين المعتقلين والمخفيين قسرًا لدى ميليشيا الحوثي.

وتعمد ميليشيا الحوثي إلى الاعتداء على النساء بالهراوات والضرب الوحشي، ومنع أي تجمعات لهن للمطالبة بأي حقوق، فضلاً عن التحريض ضدهن في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وتهديدهن بشكل دائم.

أداة للابتزاز

تعاملت المليشيا مع المرأة اليمنية كأداة للابتزاز الشخصي لها؛ لإخراس صوتها، أو وسيلة للضغط على أهلها المناوئين للمليشيا؛ لتغيير مواقفهم أو الحصول على أموال طائلة منهم، خاصة حين تصبح إحدى قريباتهم في سجونها؛ إذ يسهل عليهم تلفيق كثير من القضايا ضدها، وهو ما يعدّ وصمة عار في المجتمع.
ويبدو أن صمت المجتمع الدولي أمام تلك الممارسات واكتفائه بإصدار تقارير ترصد تلك الجرائم وإدانتها فقط، هو ما يشجّع الميليشيا على الاستمرار بارتكاب تلك الانتهاكات التي تزيد المرأة معاناة أخرى.

ويزيد تلك الجرائم ضراوةً صمت المجتمع في مناطق سيطرة الحوثيين على ممارساتهم تلك، ما يجعل كثيرًا منهن عرضة لتلك الأعمال التي تطال كلّ يوم مجموعة جديدة، مستغلة التلويح باستخدام القوة ضدهم حال اعترضوا على ما يقومون به.

أوجه أخرى للمعاناة

لا تقتصر معاناة المرأة اليمنية على تلك الجوانب فقط، فهناك أوجه أخرى لما يمكن أن تلاقيه أو تعيشه في ظلِّ الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي، ومنها زاوج القاصرات وإجبار أهليهن على زواج بناتهن القاصرات، فقد عادت هذه الظاهرة من جديد وبشدة مع ارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 82% قضية زواج من القاصرات، وهذا الأمر يؤثّر بشكل كبير على صحة الفتيات وحالتهن النفسية، خاصة حين تصبح “الأم الطفلة” أمًّا لطفلة أخرى تحتاج إلى الرعاية، وتبلغ نسبة الإنجاب في أوساطهن 47%.

وتقوم كذلك الميليشيا بالزواج من بعض الأسر في مناطق سيطرتها بالإكراه، وقد تحدّثت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية، ابتهاج الكمال، عن وجود 3 ملايين امرأة في سن الإنجاب معرّضات لنوع محدد من الأمراض لعدم تلقيهم الرعاية الصحية، فضلًا عن وجود 2 مليون و100 ألف امرأة حامل تعاني من سوء التغذية، منهن 75 ألف معرّضة لمضاعفات أثناء الولادة بشكل مباشر.

وأدّت الظروف الصعبة التي تسببت بها حرب الميليشيا إلى حرمان آلاف الفتيات من التعليم؛ بسبب خوف أهلهن عليهن، إلى جانب نسبة الفقر التي تزداد يومًا بعد آخر؛ إذ تبلغ نسبة النساء اللواتي يبلغ أعمارهن 25 عامًا اللائي وحصلن على حقهن في التعليم الثانوي 7.6%، وفق منظمات دولية.

أعباء جديدة تضاعف معاناتهن

خلقت ظروف الحياة الصعبة أدوارًا جديدة للمرأة اليمنية ضاعفت من معاناتها بسبب استمرار الحرب الحالية، وأخطر تلك التداعيات هو ما يتحدّث عنه ناشطون بشأن اضطرار بعض الأسر للعمل في صفوف ما يعرف بالزينبيات لتغطية بعض نفقات الأسرة.