آخر تحديث :الثلاثاء-03 يونيو 2025-12:35ص

مقالات


التضليل الإعلامي كسلاح ضد النساء في عدن

التضليل الإعلامي كسلاح ضد النساء في عدن

الأحد - 01 يونيو 2025 - 02:58 م بتوقيت عدن

- كتب علي الحنشي


في مدينة عدن، حيث ترفع النساء أصواتهن للمطالبة بحقوق مشروعة، تتحول هذه المطالب في كثير من الأحيان إلى هدف مباشر لحملات تشويه وتضليل منظم تُمارس عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

ما حدث مؤخرًا في المدينة يعكس هذه الظاهرة بشكل مؤلم، حيث خرجت مجموعة من النساء في تظاهرات سلمية تطالب بحقوقهن الاجتماعية والإنسانية، مؤكدات أن تحركاتهن غير مسيّسة. ورغم سلمية هذه المطالب، وجدن أنفسهن في قلب حملة تحريض ممنهجة، انتهت بالاعتداء الجسدي عليهن ومنعهن قسرًا من التظاهر.

إحدى المشاركات تحدثت لي، والتي فضّلت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، تحدثت عن سيل من المعلومات الكاذبة التي استهدفتها شخصيًا، وفبركات أدت إلى تلقيها مئات رسائل التهديد، ما اضطرها إلى الانسحاب من الفضاء العام حفاظًا على سلامتها وسلامة أسرتها. هذه الحادثة ليست الأولى، لكنها تطرح سؤالًا مؤلمًا عن الثمن الذي تدفعه المرأة لمجرد مطالبتها بأبسط حقوقها في بيئة تتقاطع فيها النزاعات السياسية مع الروايات الملفقة.

في المقابل، هناك تجارب دولية مثل تجربة فنلندا، التي جعلت من محو الأمية المعلوماتية والتفكير النقدي جزءًا من مناهجها التعليمية منذ الطفولة، بهدف تمكين الأفراد من تمييز المعلومات المضللة ومقاومتها. أما في بيئاتنا، ومنها عدن، فلا تزال تفتقر إلى أدوات الحماية الأساسية، ما يجعل النساء عرضة دائمة للأذى بفعل الصور النمطية والأحكام الجاهزة.

تكمن خطورة هذه الحملات في أنها لا تمس فقط السمعة الشخصية، بل تضع النساء أمام جدران من العزلة والخوف، وتمنعهن من المشاركة في الحياة العامة أو رؤية أنفسهن كصانعات قرار، كما أن الفتيات والشابات، اللواتي يعتمدن بشكل كبير على الإنترنت للحصول على المعلومات حول قضايا مثل الصحة والحقوق، يُتركن دون وسائل فعالة لتمييز الحقيقة من التضليل، مما يزيد من هشاشتهن المعرفية والنفسية.

إن التضليل لم يعد مجرد ظاهرة إعلامية عابرة، بل أصبح سلاحًا يُستخدم لتقييد الحريات، خصوصًا حين يستهدف النساء، ويهدد الحقوق الأساسية التي نصت عليها القوانين الدولية، كالحق في الصحة، والكرامة، والمشاركة السياسية، والانتخابات الحرة.

من هنا، تظهر الحاجة الماسة إلى مبادرات محلية فعالة تمكّن النساء من أدوات التحقق الإعلامي، وتحصنهن ضد الاستهداف الرقمي، وتوفر لهن مساحات آمنة للتعبير والمشاركة.

عدن اليوم تقدم نموذجًا حيًا لهذه المعركة اليومية التي تخوضها النساء، لا فقط من أجل البقاء، بل من أجل الدفاع عن الحقيقة في وجه آلة الكذب المنظمة