آخر تحديث :الثلاثاء-15 يوليو 2025-12:32ص

اخبار وتقارير


لماذا يمتلك المجلس الانتقالي الفرصة السياسية الأكبر في الجنوب؟

لماذا يمتلك المجلس الانتقالي الفرصة السياسية الأكبر في الجنوب؟

الإثنين - 14 يوليو 2025 - 09:38 م بتوقيت عدن

- المرصد_خاص:

بقلم. د. هزم احمد

*اليمن.... أولاً
في المشهد اليمني المعقّد، حيث تتقاطع الجغرافيا مع السياسة، والميدان العسكري مع الطموح السياسي، تبدو عدن كأنها حجر الأساس لأي مشروع جنوبي قادم. وبالنظر إلى الوقائع على الأرض، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي يُعد اليوم اللاعب الأوفر حظًا في الجنوب، ليس فقط لأنه يمتلك القوة العسكرية، ولكن لأنه يُسيطر على العاصمة السياسية للجنوب (عدن)، بما تحمله هذه المدينة من رمزية سياسية وإرث نضالي وثقل إداري.

عدن: العاصمة والرمز والمفتاح

عدن ليست مجرد مدينة. إنها عنوان الجنوب، ومفتاحه، وواجهته أمام الداخل والخارج. من يملك عدن، يمتلك حق الحديث باسم الجنوب سياسيًا، ويتحكّم في مفاصل الدولة المفترضة، بل ويستحوذ على الجزء الأكبر من أدوات التفاوض مع المجتمع الدولي.

وفي لحظة فراغ سيادي، حيث تغيب الدولة المركزية وتتصارع الأطراف، تصبح السيطرة على العاصمة بمثابة تفويض ميداني لصناعة القرار، وهو ما يُعزّز من مركزية المجلس الانتقالي داخل المعادلة.

المقارنة مع القوى الأخرى

في الشمال، وبكل واقعية، يمتلك الحوثيون الفرصة الأكبر بحكم سيطرتهم على صنعاء. المدينة التي ما زالت تُشكّل مركز الثقل الإداري والثقافي والسياسي في شمال اليمن، ومن هناك يصدر الحوثي رسائله إلى الداخل والخارج، مُحتكرًا السيادة الرمزية والمركزية المؤسساتية.

أما في مأرب، فإن القوى المرتبطة بشرعية ما بعد 2015، وعلى رأسها حزب الإصلاح وبعض القيادات المحلية، تملك النفوذ على أهم منابع الطاقة والنفط والغاز. وهذا يمنحها فرصة اقتصادية قوية، لكنها لا ترقى إلى الفرصة السياسية المباشرة كما هو الحال في عدن أو صنعاء، لأنها لا تحكم من عاصمة ولا تمتلك شرعية رمزية كافية للحديث باسم إقليم واسع أو مشروع سياسي متكامل.

جوهر الفرصة: هل يمتلك الانتقالي أدوات التحول إلى كيان سياسي فاعل؟

ما يُميز المجلس الانتقالي عن سواه في الجنوب هو قدرته على الدمج بين القوة العسكرية والسيطرة الإدارية، وبين الخطاب السياسي والحضور الدبلوماسي. فهو الجهة الوحيدة التي تمتلك:

1. قوة عسكرية منضبطة إلى حد ما.

2. مؤسسات شبه حكومية تدير المرافق في عدن والمحافظات المجاورة.

3. خطاب سياسي واضح المعالم، يستند إلى مشروعية القضية الجنوبية.

4. قنوات اتصال خارجية فاعلة، سواء في الخليج أو أوروبا أو حتى لدى بعض الأطراف الدولية الفاعلة.

لكن، ولئلا نقع في فخ الانبهار بالمشهد، فإن الفرصة لا تعني ضمان النجاح. فالفرصة تحتاج إلى مشروع، والمشروع يحتاج إلى عقل سياسي جامع، لا يكتفي بالانتصار في عدن بل يسعى لخلق شراكة جنوبية واسعة، ولبناء نموذج حكم يعزز من حضور الدولة لا منطق الفصائل.

الفرصة لا تنتظر المترددين

قد لا يكون المجلس الانتقالي هو الخيار الوحيد ، لكنه الأوفر حظًا اليوم في الجنوب. وعدن، بما تمثله، تضعه في موقع مسؤولية قبل أن تكون موقع امتياز. فإن نجح في تحويل عدن إلى عاصمة فعلية تُدار بمنطق الدولة، وتجاوز منطق الغلبة والتمكين الضيق، فإنه سيكون أمام فرصة تاريخية لصناعة جنوب قوي وقادر، بل وشريك نِدي في أي تسوية قادمة.

لكن إن أدار ظهره لهذه الفرصة، أو انشغل بتفصيلات الصراع المحلي، فإن عدن نفسها قد تتحول إلى عبء، والفرصة إلى وهم