آخر تحديث :الخميس-16 أكتوبر 2025-04:23ص

المرأة والجمال


الأناقة والفخامة تلتقيان في مجموعة "سكياباريللي" 2026 للملابس الجاهزة

الأناقة والفخامة تلتقيان في مجموعة "سكياباريللي" 2026 للملابس الجاهزة

الخميس - 16 أكتوبر 2025 - 02:49 ص بتوقيت عدن

- المرصد خاص

قرأتُ أخيراً أن حضور عروض السينما قد تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بينما ارتفعت نسب زيارة المتاحف بشكل غير مسبوق. بدا ذلك منطقياً جداً بالنسبة إلي. هواتفنا أصبحت بمثابة مأوى لمتع عابرة، لا يتجاوز عمرها بضع ساعات.

لكن، هل هذا فعلاً ما نريده؟ يبدو لي أننا ندرك، بشكل حدسي، أن هناك قيمة فطرية وملحّة في وضع لحظتنا الراهنة ضمن سياق سردي أكبر وأعمق. اليوم، ربما الشغف أصبح أقل بأمور الترفيه، بينما ازدادت الشهية أكثر للثقافة والإلهام. الترفيه أصبح موجوداً في كل مكان، لا يمكن الهروب منه. أما الإلهام – المعرفة والإلهام الحقيقي – فهو نادر وثمين.

































































































قرأتُ أخيراً أن حضور عروض السينما قد تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بينما ارتفعت نسب زيارة المتاحف بشكل غير مسبوق. بدا ذلك منطقياً جداً بالنسبة إلي. هواتفنا أصبحت بمثابة مأوى لمتع عابرة، لا يتجاوز عمرها بضع ساعات.

لكن، هل هذا فعلاً ما نريده؟ يبدو لي أننا ندرك، بشكل حدسي، أن هناك قيمة فطرية وملحّة في وضع لحظتنا الراهنة ضمن سياق سردي أكبر وأعمق. اليوم، ربما الشغف أصبح أقل بأمور الترفيه، بينما ازدادت الشهية أكثر للثقافة والإلهام. الترفيه أصبح موجوداً في كل مكان، لا يمكن الهروب منه. أما الإلهام – المعرفة والإلهام الحقيقي – فهو نادر وثمين.


لهذا السبب انتهزتُ فرصة العرض في مركز "بومبيدو" (Pompidou)، وتحديداً في القاعة التي استضافت المعرض الاستعادي لـ "برانكوزي" (Brancusi retrospective) قبل 18 شهراً. ليس لأنني أردت أن تتمحور هذه المجموعة بشكل مباشر حول العلاقة بين الموضة والفن، بل لأنني شعرت – وأشعر – بأن حضور عرض "سكياباريلي" (Schiaparelli) يجب أن يكون أشبه بزيارة متحف: تجربة تحمل في طيّاتها الإلهام، الطموح، والطمأنينة في آن. تجربة تُوقظ فيكم إحساساً فنياً كالتمايل والرقص على انفراد في راحة المنزل بعد يوم عمل طويل. تجربة توقظ فيكم متعة الرقص في الظلام، وتُشعركم بالتحرر، الخصوصية، والبهجة في آن.

لطالما وُجدت الأزياء الجاهزة من "سكياباريلي" (Schiaparelli) في تقاطع بين الإمكانات التجارية والنّفَس الإبداعي. إلسا (Elsa) لم تكن مهندسة معمارية لابتكار تصاميم جديدة... لم يكن هذا هو الهدف. ولم تكن أيضاً عبقرية تسويق علامة تجارية. لكنها كانت، بالفعل، عبقرية في كيفية تفاعلها مع الثقافة. كانت، كما وصفها إيف سان لوران (Yves Saint Laurent)، "كوكباً يضيء سماء باريس، على أتم الاستعداد للتألق وبسط سلطته".
في هذه المجموعة، يتجلّى عشقها للتوترات، تباينات ساحرة وصدامات غير متوقعة. يظهر ذلك جلياً في سترة "سكياباريلي" (Schiaparelli): صارمة، نقية، وأكتاف حادّة، خالية من أي مبالغة أو زخارف. إنّها الاحتفاء بالانضباط في أنقى صوره، بقصّاتها الدقيقة وخطوطها المُحكمة (أو tailleur rigueur – كما يُقال في مشغل الدار). هذا "التأنّق الصارم" (hard chic) يمتد أيضاً في مجموعة من الفساتين الطويلة الضيّقة، الانسيابية المريحة وسهلة الارتداء. ورغم تنوع تقنياتها، فإنها تأتي بلوحة موحّدة من ألوان مركّزة: الأسود، الأبيض العظمي، والأحمر القرمزي. وفي قلب المجموعة، يبرز التريكو بخداع بصري (trompe l’oeil) مستوحى من رسوماتي الأخيرة، والمنفَّذ بجاكار ثلاثي الألوان، تكريماً لتريكو إلسا (Elsa) نفسه. صادم في تلك الحقبة، كما هو صادم اليوم.
أما الإكسسوارات فقد صُمّمت بدورها لتُعيد التذكير، لزيادة التألق، وإضفاء البهجة. من الأحذية إلى إبداعات جديدة لحقيبة Secret، الـpadlocked، والتي أُعيد ابتكارها هنا بأبعاد أكثر ليونة تستحضر ساعة "دالي" (Dali) بأسلوبها الذائب المميز. كل حقيبة وكل حذاء يبدأ برسم على الورق، وهو نفسه ما يمكن رؤيته ولمسه كمنتّج نهائي رائع.


وقال دانيال روزبيري: "بعد مجموعتي الأولى من الملابس الجاهزة (ready-to-wear)، سمعت كثيراً عبارة: هل هذه فعلاً أزياء جاهزة؟ ظننت أنني أشاهد عرض كوتيور! لفترة طويلة، لم أكن أعرف كيف أتعامل مع تعليق كهذا، بدا وكأنه نقد ضمني. هل يُعدّ أمراً سلبياً أن تتوق تصاميم الأزياء الجاهزة لتكون استثنائية وعميقة التفكير مثل الكوتيور؟ لكن بعد ست سنوات في هذا المسار مع "سكياباريلي" (Schiaparelli)، ما بدا عبئاً آنذاك أصبح اليوم مصدر قوة. مَن لا يرغب في الانغماس برؤية فنية تُترجم بسهولة إلى حياتنا اليومية؟ ولماذا لا تكون الموضة – حتى في أبسط صورها اليومية – إبداعاً فنياً؟".

وأضاف: "العالم اليوم قد يبدو بلا هوادة، كأنه ثقب أسود ثقافي. كل ما يمكن المبدعين فعله هو التمسك بما نشعر أنه صحيح بالنسبة إلينا. كل ما يمكننا فعله هو الإنصات إلى نبض قلوب عملائنا. كل ما يمكننا فعله هو أن نصنع أزياء تجعل مرتديها يشعر بالحرية والنشوة التي نرغب أن نشعر بها نحن أيضاً، على خشبة المسرح، لوهلة قصيرة، وبعيداً من الخوف، كأنها نشوة الرقص في الظلام".