آخر تحديث :الجمعة-12 ديسمبر 2025-01:11م

منوعات


الذات والسلطة: حدود الحرية والإكراه في حياتنا اليومية

الذات والسلطة: حدود الحرية والإكراه في حياتنا اليومية

الجمعة - 12 ديسمبر 2025 - 02:06 ص بتوقيت عدن

- المرصد خاص

تنتشر صفة «سلطوي» authoritarian بشكل واسع في الثقافة المعاصرة، لتصف أشكالاً من الأنظمة السياسية، والممارسات، والخطابات. وهي توضع غالباً في موقع النقيض لصفات مثل «ديمقراطي» و»تحرري» و»تقدمي». النظام السلطوي، حسب هذا الوصف، يمركز السلطة فيه بشكل كبير، ويحرم محكوميه منها، ويفرض نفسه عبر القمع والرقابة والإرغام، ويلغي الحريات والحقوق الأساسية؛ فيما يقوم «الخطاب السلطوي» على عدم الاعتراف بالآخر، والسعي لقمع رأيه، أو إلغائه، أو وصمه، والسعي لفرض حقيقته الخاصة على الآخرين.
وهكذا يخضع الناس للنظام والخطاب والممارسة السلطوية، التي قد تتخذ أشكالاً مباشرة، أو غير مباشرة، وتستخدم العنف المادي أو الرمزي، أو تلوّح باستخدامه، ويصبحون مرغمين على السلوك والقول ضمن ما يُفرض عليهم من طرف السلطويين. ويبدو أن كثيرين، ومنهم سكّان منطقتنا طبعاً، كانوا يعيشون تحت «الأنظمة السلطوية»، التي جعلتهم ضحايا.
يستبطن منظور نقد السلطوية هذا افتراضاً أساسياً، وهو أن البشر كانوا سيسلكون ويتكلمون بشكل حر لولا السلطوية، وهذا يطرح سؤالاً معيارياً مهماً عن ماهية تلك الحرية: ما الحالة النموذجية، الذي يمكن القول فيها إن الأفراد والجماعات اتخذت قراراً حرّاً؟ بالتأكيد لا يوجد قرار يُتخذ بحرية كاملة، ودون أي ضغوطات أو حسابات أو مخاوف أو مخاطر، وكأنه يُتخذ في العدم، أو فوق العالم، وبالتالي لا بد من وجود إطار، يؤمّن الشروط الأساسية لما نصفه بالحريّات والقرار الحر. الإجابة الكلاسيكية هي مؤسسات النظام الديمقراطي، التي تؤمّن حكم القانون، وحرية المعتقد والتعبير والضمير، والحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية الأساسية. بالتالي لا حرية خارج النظام، وإنما هي منتج من منتجاته، تماماً كما أن القمع مُنتَج لنظام مغاير، يُطلق عليه حكم قيمة سلبي، هو النظام السلطوي. وهذا يعني أن «السلطوية» ليست تماماً مفهوماً محايداً لدراسة ووصف الأنظمة السياسية القائمة، فهي تحمل جانباً معيارياً وقيمياً، ما يجعل إطلاق صفة «سلطوي» على أي نظام أقرب لقدح جارح له، بل نزعاً لشرعيته. من جهة أخرى يدافع بعض أنصار اليمين المعاصر عن «سلطوية حميدة» Benevolent Authoritarianism، تؤمّن «الحكم القوي» الضروري لنهوض الدولة والمجتمع، والحد من الفوضى والانحدار الاجتماعي، خاصة مع صعود نماذج الصين وتركيا وأمريكا الترامبية وغيرها. ويعتبرون هذا النوع من السلطوية حلاً لمشاكل الليبرالية المفرطة، بل تجاوزاً لثغراتها الفكرية الكبيرة، إلا أن هذا لا يخرج من الإطار المعياري والقيمي، الذي ينبني عليه نقد السلطوية، فهي باتت «حميدة»، من جهة حكم القيمة، بعد أن كانت ظاهرة «خبيثة» على ما يبدو.
في الحالتين، تبدو السلطة أمراً خارجياً عن الذات إلى حد كبير، هناك أفراد، وفئات، وطبقات اجتماعية، وأقليات، بذوات مكتملة، تتعرّض للسلطة، وتخضع لها أو تقاومها، أحياناً تقمعها السلطة، وأحياناً تساعدها على النهوض، أو حتى تحميها من نفسها. وهذا يفترض أن الذات سابقة على السلطة، أو على الأقل مستقلة نسبياً عنها، وهو أمر يبدو غريباً نوعاً ما، وغير قابل للإثبات، ومتعارض حتى مع الافتراضات الأساسية لأنصار الديمقراطية وخصومهم، التي تعتبر النظام هو المنتج لحيز «الحريات» نفسها، والمحدد لمعناها. كيف يمكن لأي ذات فردية، أو جماعية، أن توجد خارج علاقات السلطة؟ أو تفهم خياراتها ووجودها الاجتماعي باستقلال عن سياساتها وخطاباتها ومعرفتها ومؤسساتها؟
السلطة مُنتِجة بالتأكيد، وفكرة أنها مجرد قدرة احتكارية ومركزية، على الفرض والقمع والإلغاء والبتر والتخويف، تبدو قاصرة وعاجزة عن التفسير. من أهم ما تنتجه السلطة الذوات نفسها، أي وعي وفهم وتحديد الأفراد لأنفسهم، وموقعهم الاجتماعي والتاريخي والوجودي، عبر أجهزة وآليات عديدة، مثل الروايات المؤسسة للأمم، التعليم، المؤسسات الدينية، الإعلام الجماهيري، القانون ومفاهيمه عن الذات القانونية، وحقوقها ومساواتها، إلخ، بل حتى آليات القمع والإقصاء، التي تساهم بنشوء ذوات تُعرّف نفسها على أساس التعرّض للتهديد والظلم. كما أن السلطة قادرة على إنتاج الأجساد نفسها، عبر سياساتها الحيوية، المتعلقة بالشؤون الحياتية الأساسية للكتل السكانية، مثل الولادات والصحة العامة والغذاء ومستوى الحياة. هذه الشبكات المتداخلة من التقنيات هي بالضبط ما يسميه المفكر الفرنسي ميشيل فوكو «الحكومية» Governmentality، أي نمط العقلانية السائدة، التي تنظّم حياة السكان وتنتج الذوات، ولذلك فالسلطة لا يمكن أن تُحتكر أصلاً لجهة على حساب أخرى، فينقسم المجتمع إلى حائزين للسلطة ومحرومين منها، بل هي موجودة في قلب وداخل كل علاقة اجتماعية، وتتخلل كل الممارسات والأداءات والذوات. الجماعات والأفراد «يمارسون السلطة»، إن صح التعبير، ويسلكون ضمن أطرها، وليسوا مجرّد ضحايا سلبيين لها، بل إن السلطة هي من تولّد مقاوماتها الممكنة. وكل مقاومة هي سلطة مضادة في نهاية المطاف، لا توجد باستقلال عمّا تقاومه، بل تبرز ضمن المجال السلطوي بممكناته وعلاقاته. بهذا المعنى فقد تكون صفة «سلطوي»، أو «نظام سلطوي» صالحة للصراع السياسي والأيديولوجي بين الليبراليين وخصومهم، إلا أنها غير مفيدة لفهم السلطة نفسها، ومعنى «الحكومية». لا يوجد نظام غير سلطوي، دون أن يعني هذا أن جميع الأنظمة متساوية. وربما نكون «أبناء السلطوية» أكثر بكثير مما نتصور.

يدفع هذا إلى إعادة التفكير بمعنى «الإرغام»، هل يمكننا التبرؤ من أفعال وأقوال وأداءات قمنا بها تحت سلطة ما، أو خضوعاً لها، بحجة أننا كنّا مرغمين؟ بل هل يمكن لشعوب وكتل سكانية، أن تؤكد أنها بريئة من نظام بائد، بممارساته وسياساته وثقافته؟ تبدو هذه وصفه سهلة للتهرّب من المسؤولية السياسية
والاجتماعية والأخلاقية، وكأن النظام هو ثلّة محدودة من الطغاة والمستفيدين، تمتلك قدرات خارقة على التحكّم والتطويع؛ فيما البقية، الأغلبية، مجرّد ضحايا على طول الخط. وهو طرح يشير إلى جهل بمفهوم «النظام» ومفهوم «السلطة» معاً، إذ لا توجد سلطة أو نظام، يمكنهما الاستمرار بناءً على القمع والتخويف والإرغام وحده، فالاستمرار والنجاح متعلّقان بجانب السلطة «المنتج» أكثر بكثير من جانبهما التدميري أو السلبي، أي سلطة تفشل ببناء ائتلافات اجتماعية، وأداء الوظائف الأساسية، وإنتاج مؤسسات التحضّر، وتحقيق الهيمنة الأيديولوجية، وصياغة سرد مؤسِّس، أي باختصار تفشل في أن تكون «داخلية»، منتجة للذوات نفسها، لن تستمر طويلاً، مهما بلغت قوتها النارية، ومتانة أجهزتها القمعية. هل كنا مرغمين إذن؟ بالتأكيد لا، فالسلطة لم تكن خارجنا يوماً، بل مكوّنة لنا، وسلكنا ضمنها بوعي. ولكن ما حدود المسؤولية الجماعية، عن جرائم سلطة معيّنة؟ وكيف يمكن التعامل اجتماعياً مع ماضٍ مليء بالمآسي، بعيداً عن العبارة السهلة «كنّا مرغمين» و»نحن ضحايا»؟

مَنْ الجُناة؟
القول إن السلطة داخلية، ومؤسِّسِة، لا يعني توزيع مسؤولية أي جرائم ترتكبها على الجميع بالتساوي، فبالنهاية هناك من أمروا ونفذوا وارتكبوا، وهؤلاء وحدهم يتحمّلون المسؤولية الجنائية الكاملة عن أفعالهم، وفق النظام القانوني الذي يحدد معنى الجناية، وهو في عصرنا غالباً القانون الدولي الإنساني (في حالات الحرب)، والقانون الدولي لحقوق الإنسان (في حالات الحرب والسلم)، اللذان يوجد ما يشبه الإجماع العالمي عليهما. كما أن هناك فاسدين ومتسلطين كانت لديهم قدرات أعلى على الظلم والاضطهاد، نظراً لموقعهم ضمن شبكات السلطة، إلا أن المرتكبين الجنائيين، والفاسدين المتسلطين، لا يمكنهم وحدهم أن يكونوا السلطة والنظام، بل مجرّد عُقَد أساسية في شبكاتهما.
من ناحية أخرى، فإن مقاومة السلطة لا تعني بالضرورة القطيعة معها، أو الخروج من بناها وشبكاتها، وعالمها الرمزي والمفاهيمي والأيديولوجي. المقاومة ليست جوهراً أخلاقياً مضاداً، وليست نفياً للسلطة، بل محاولة لإعادة توزيعها، وأشبه بتكوين استراتيجي جديد داخل حقل السلطة القائمة نفسها، وإعادة ترتيب للخطابات والأداءات السائدة. ولهذا فالصراع بين السلطة ومقاومتها ليس صراعاً بين خير وشر، أو قمع وتحرر بالضرورة، فربما يكون التكوين الجديد، وإعادة الترتيب المقاوم، أشد دموية أو قمعية مما يقاومه، بل ربما يعجز عن إقامة نظام جديد، بمؤسسات تحضّر، وبنى راسخة، وإطار أخلاقي متين، وائتلافات اجتماعية، فلا يكون أكثر من انهيار السلطة على نفسها، وتحول ممارساتها ورموزها ومخيلتها الجماعية إلى نمط من الفوضى الأقرب للهمجيّة، إذ لا تعود المجتمعات قادرة على إنتاج المعايير والقيم، وضبطها في سياقات ومؤسسات واضحة، بل تمتلك فقط مخزوناً أيديولوجياً ورمزياً، يمكن لأيٍّ كان استخدامه بشكل عشوائي وعدواني، إذا امتلك بعض القوة. تفقد السلطة هنا جانباً كبيراً من قدرتها على أن تكون منتجة، وتصبح طاقة تدميرية.
في كل الأحوال، يجب فهم جانب «التذويت» Subjectivation في السلطة، أي إنتاجها للذوات الفردية والاجتماعية. السلطة نفسها ليست ذاتاً، بل شبكة وأنظمة معقدة، إلا أنها تنتج الذوات، وتمايز بينها، وترتبها هرمياً، عبر آليات أيديولوجية ورقابية وجسدية عديدة. والعكس غير صحيح، فالذوات ليست السلطة، ولا تنتجها بشكل مباشر. السلطة ليست قائداً أو عرقاً أو طائفة أو جنساً، له إرادة واحدة يفرضها على كل الآخرين، ضمن مخطط قصدي واضح ومتسق، بل هي منظومة متراكمة من القواعد والخطابات والممارسات والمعارف، تجعلنا نرى أنفسنا بطريقة محددة، ونرغب ونتصرف ونخاف بطريقة معيّنة. تذويت السلطة أمر شديد الخطورة، فهو فضلاً عن جهله بطبيعتها، قد يلقي بالمسؤولية الكاملة، ويحدد العدو، بذات معيّنة، واجبة الاستئصال، للوصول إلى الخلاص. وهو ما فعلته مثلاً الأيديولوجيات النازية والمعادية للسامية، التي اعتبرت النظام المالي الرأسمالي «ذاتاً يهودية»، يجب استئصالها؛ وتفعله اليوم بعض الأيديولوجيات التي تسمي نفسها «يسارية»، التي تذوّت الرأسمالية والماضي الاستعماري والهيمنة، عبر مقولات مثل «الرجل الأبيض»، «أوليغارشية الـ1%، مقابل الـ99% من المتضررين من الرأسمالية». توجيه الغضب نحو ذات معينة في النظام والسلطة، لن يؤدي إلا إلى حروب هوياتية، قد تصل أحياناً إلى الإبادة الجماعية، داخل شبكة السلطة والنظام نفسها، ودون تحقيق أي قطيعة معها.
بهذا المعنى، لا توجد مسؤولية جنائية جماعية، فتحديد الجناية قائم على نظام قانوني يذوّت الجريمة، أي يجعلها مسؤولية ذوات فردية. والمسؤولية القانونية ليست توصيفًا وجودياً للذات، بل آلية شكليّة وضرورية، لإسناد الفعل إلى فاعل واضح، لا يستطيع القانون أن يعمل دونها؛ ولكن خارج نظام القانون لا يمكن الحديث عن ذات بريئة تماماً وأخرى متورطة؛ أو هوية سيئة بذاتها، وهوية جيدة، فكل تلك الذوات والهويات هي منتجات للسلطة، وجانب من النظام. مَنْ أيّد نظاماً قمعياً ما، وساهم في ممارساته ومظاهره، لم يفعل هذا لأنه كان مرغماً، بل لأنه سلك ضمن آليات وتحديدات السلطة، التي أنتجت جانباً كبيراً من وعيه ومعاييره وفهمه لذاته ومصلحته ومخاوفه، فلم يختر مقاومة السلطة؛ أما مَنْ اختاروا المقاومة فهم لم يخرجوا بالضرورة عن السلطة، أو حققوا قطيعة معها، بل قد يكررون أسواً ممارساتها. لا يسلك البشر تحت الإرغام إلا في حالات محدودة، والحديث عن «إرغام» يتطلب أصلاً وجود قناعة مغايرة تامة لدى المُرغَم، يخالفها تحت التهديد المباشر؛ وكذلك لا يفعل البشر في شرط من الحرية الكاملة، إذ لا توجد «حرية» خارج الأنظمة الاجتماعية والثقافية، والسلطة مكوّن أساسي في تلك الأنظمة. البشر يعيشون ويتكونون في شرط سلطوي معيّن، يساهمون في إنتاجه وإعادة إنتاجه، بأشكال متعددة ومعقدة.

إمكانية القطيعة
لا يعني هذا إن إمكانية القطيعة مع سلطة سابقة مستحيلة، فالقطيعة فعل واعٍ، قد تقوم به الذات، الفردية والجماعية، ضمن شبكات السلطة، في محاولة لإعادة تشكيلها وتوجيهها، ولكنها تستلزم، بشكل مبدئي، شرطين: الفهم والتوصيف الصحيح؛ والاعتراف. الشرط الأول يتحقق عبر إدراك ومعرفة أوسع بمعنى السلطة والنظام؛ والثاني عبر الإقرار الذاتي بالموقع والممارسة ضمنهما، وليس تقسيم البشر إلى ضحايا وجلادين تامين، وهويات بريئة وأخرى مُدانة. يؤدي هذا للخروج من مقولات أيديولوجية رديئة، مثل «المظلومية»، والجرائم بوصفها «ردة الفعل»، وتقديس «المقاومة» و»الثورة» باعتبارهما ألفاظاً سحرية، تكتسبان قيمتهما من ذاتهما. كل هذه المقولات تقوم على نموذج نظري جوهراني وهوياتي، هذا إن انبتت أصلاً على نموذج نظري ومفاهيمي. في كثير من الأحيان لا تكون إلا إنشائيات، يصعب تصنيفها إلا بوصفها هراءً Nonsense، لا يحيل لأي مفهوم قابل للتحقق والنقد.
تستلزم القطيعة إذن، مواجهة التجهيل، باعتبارها الخطوة الأولى، أما الخطوة الثانية فهي محاولة إنتاج نظام رمزي ومفاهيمي وفكري جديد، يغيّر اللغة السائدة، وطريقة ربطها للكلمات بالمفاهيم؛ ويصوغ سرداً مغايراً؛ ويرفض جذرياً المقولات المؤسِّسة للأيديولوجيا المسيطرة. وهي في حالة منطقتنا مقولات مثل «الأمة الواحدة»، «دين الدولة»، «ثقافة المجتمع أو الناس»، «المكوّن الثقافي الأبرز»، «تجاوز الهزيمة»، إلخ.
القطيعة لا تعني تجاوز السلطة نفسها، أو التحرر الكامل، بل إعادة إنتاج وترتيب الخطابات؛ وتغيير طبيعة المؤسسات الانضباطية والتحكّمية؛ وتأسيس «تقاليد حميدة»، مثل الاعتراف الكامل وغير المشروط بحرية المعتقد والضمير، وضمان حرية التعبير والنقد، وتأسيس حيّز عام بلغة عمومية، خالٍ من التعالي العقائدي. لا يوجد نظام غير سلطوي، ولكن هنالك سلطات قادرة على ضمان استمرار الحياة، وأداء الوظائف الأساسية، وتوسيع نفسها باستمرار، لتشمل مزيداً من الحالات والفئات والمطالب؛ وسلطات تصبح عائقاً ضد الحياة، ولا تؤدّي إلا إلى الانهيار ونزع التحضّر، ويبدو أن كثيراً منّا، وجانباً أساسياً من ثقافتنا المعاصرة، ما يزال متواطئاً مع ذلك النوع من السلطات، مهما ادعى المعارضة أو المقاومة أو الثورية.