آخر تحديث :الأربعاء-17 ديسمبر 2025-03:23ص

اخبار وتقارير


الإرادة الشعبية في جنوب اليمن… نهوض من تحت ركام حرب 1994

الإرادة الشعبية في جنوب اليمن… نهوض من تحت ركام حرب 1994

الثلاثاء - 16 ديسمبر 2025 - 08:22 م بتوقيت عدن

- ((المرصد))خاص:

لم تكن حرب صيف 1994 مجرد معركة عسكرية خسرها الجنوب، بل كانت زلزالًا سياسيًا وإنسانيًا أطاح بدولة، وهمّش شعبًا، وحاول كسر إرادة كاملة. خرج الجنوب من تلك الحرب مثقلاً بالجراح؛ دولة أُسقطت، مؤسسات فُككت، كوادر شُردت، وأرض تحولت إلى غنيمة. لكن ما لم يدركه المنتصرون آنذاك أن ما لا يُكسر بالقوة لا يموت، وأن إرادة الشعوب قد تنحني لكنها لا تنكسر.


ثلاثون عامًا حاول فيها مشروع الوحدة الفاشل طمس هوية الجنوب، ومصادرة قراره، وتحويله إلى هامش سياسي واقتصادي. مورست الإقصاءات، سُرّحت الكفاءات، نُهبت الثروات، وقُمعت الأصوات. ومع ذلك، كان تحت هذا الركام وعيٌ يتشكل بصمت، وغضبٌ يتحول إلى موقف، وإرادةٌ تستعد للعودة.


في عام 2007، خرج الجنوب إلى الشارع. لم يخرج بدبابات ولا بمدافع، بل خرج بصدور عارية، ورايات، وأصوات تقول: “نحن هنا”. واجه القمع، ودفع الثمن شهداء وجرحى ومعتقلين، لكنه كسب شيئًا أعظم: استعادة الوعي الجمعي، وتوحيد القضية في وجدان الناس. صار مطلب الجنوب مطلب شعب، لا شعار نخبة.


ثم جاءت لحظة الاختبار الكبرى في 2015، حين حاول مشروع الحوثي–صالح ابتلاع الجنوب. عندها، نهضت الإرادة الشعبية مرة أخرى، وتحولت إلى مقاومة، ثم إلى قوة منظمة، واستطاعت أن تدافع عن الأرض وتفرض واقعًا جديدًا. لم يكن ذلك انتصار سلاح فقط، بل انتصار إرادة قررت ألا تعود إلى مربع الهزيمة.


اليوم، وبعد سنوات من الصمود رغم الحرب، وتدهور الخدمات، والضغوط الاقتصادية، ما زالت الإرادة الشعبية الجنوبية حاضرة، ترفض الوصاية، وتطالب بدولة عادلة، فدرالية، تتجاوز أخطاء الماضي، وتفتح باب المستقبل. إرادة تؤمن أن استعادة الدولة ليست نزوة سياسية، بل حق تاريخي، وضرورة للاستقرار، وطريق للكرامة.


إن نهوض الجنوب من تحت ركام 1994 ليس صدفة، بل دليل حيّ على أن الشعوب التي تؤمن بقضيتها، وتدفع ثمنها، قادرة على صناعة مستقبلها مهما طال الزمن.