آخر تحديث :السبت-27 ديسمبر 2025-02:42ص

المرأة والجمال


من التصميم إلى الأسلوب: Dima Ayad تتصدر مشهد الأناقة العالمية

من التصميم إلى الأسلوب: Dima Ayad تتصدر مشهد الأناقة العالمية
المصممة ديما عياد

السبت - 27 ديسمبر 2025 - 02:28 ص بتوقيت عدن

- المرصد خاص


في عالم لا يزال يُحاول أن يتصالح مع تنوع الأجساد وتعدّد الهويات الجمالية، تأتي ديما عياد كصوت جريء ومُلهم يعيد تعريف الأناقة من منظور إنساني، شامل، وراسخ الجذور. من الإحباط الشخصي إلى الريادة العالمية، شكّلت ديما علامةً تجارية لا تكتفي بتقديم تصاميم راقية، بل تروي من خلالها حكايات نساء من كل المقاسات، تنبض بالضوء، الثقة والانتماء. في هذا الحوار الخاص، تكشف ديما عن التحديات الأولى، وعن علاقتها بالأقمشة والانسيابية، وعن كيفية تحويل تجربة الإقصاء إلى مشروع تمكين عابر للحدود.
- ما الذي ألهمك لتأسيس علامتكِ التجارية الخاصة بالأزياء في العام 2010، وما أبرز التحدّيات التي واجهتك في بداياتك؟

بدأت علامتي التجارية لأنني لم أكن أجد فساتين سهرة تعبّر عن نساء مثلي، نساء لا تُناسبهنّ مقاسات السوق الضيّقة، لكنهن يرغبن في قطع جميلة وعصرية تُبرزهنّ. كانت بداياتي صعبة، فالعثور على مصانع تقبل إنتاج مجموعة مقاسات شاملة كان تحدّياً كبيراً. إن دخولي مجالاً لم يكن قد تبنّى بعدُ مفهوم تنوع المقاسات بالكامل، كان يعني أن عليّ أن أشرح باستمرار لماذا هذا الأمر مهم.

- علامتك التجارية مبنية على الشمولية. ما هي التجارب الشخصية التي دفعتك لمعالجة مسألة تنوّع المقاسات في عالم الأزياء؟

لقد نبع ذلك من شعور عميق بالإحباط الشخصي. قضيت سنوات أدخل فيها المتاجر ولا أجد شيئاً يناسب مقاسي، أو أُواجَه بعبارات مثل: "هذا ليس مقاسك". إنها طريقة إقصاء غير مباشرة، لكنها تؤثر في الثقة بالنفس مع الوقت. أردتُ أن أغيّر هذه الرواية وأن أصمّم ملابس لا تكون فقط مناسِبة، وإنما تحتفي بكل جسم على حدة.

- كيف أثّرت أصولك اللبنانية ونشأتك في ذوقك الجمالي وفلسفتك في التصميم؟

أن تكوني لبنانية يعني أن تعيشي وسط تناقضات، بين القديم والجديد، بين الرقّة والجرأة، وبين التوازن والمبالغة. هذا التباين شكّل هويتي. أحب التصاميم التي تحمل طابعاً لا يحدّه زمن، ولكن فيها أيضاً دراما هادئة، وأعتقد أن هذا يأتي من نشأتي في ثقافة تحتفي بالجمال والقوة والصلابة في آنٍ واحد. نحن شعب مبدع يعرف كيف يعمل وسط الفوضى ويجد الجمال في كل شيء، سواء كان كبيراً أو صغيراً. وهذه طاقة تحتاجين إليها فعلاً كريادية، لكي تستمرّي وتبدعي.

- هل يمكنك أن تصفي لنا عملية التصميم التي تتبعينها، من الفكرة الأولى وحتى التصميم النهائي؟

يبدأ كل شيء من إحساسي تجاه كيف أريد أن تشعر المرأة وهي ترتدي التصميم. أفكر في الحركة والراحة والثقة. أرسم التصاميم وفي ذهني الانسيابية، ثم أبدأ باختيار الأقمشة التي تنسدل بشكل جميل. بعدها، ننتقل إلى مرحلة العيّنات الدقيقة، خصوصاً عبر مختلف المقاسات، للتأكد من أن القَصّة تعمل بشكل متناسق على كل جسم. إنها عملية تعاونية بالكامل، ولكن من دون أي تنازل عن الجودة أو الإتقان في القَصّ والتشطيب.

- تصاميمك المميزة مثل العباءات والقفاطين المعدنية لافتة للنظر، ما الذي يجعل هذه القطع عنصراً أساسياً في مجموعاتك؟

إنها تصاميم سهلة. تضفي العباءات والقفاطين حضوراً واضحاً من دون أن تقيّد الحركة، فهي تنساب بسلاسة وتتحرك وتناسب العديد من أشكال الأجسام. أما الألوان المعدنية فقد جاءت من عشقي للضوء وكيف ينعكس ويتفاعل مع القماش، فهي تضيف لمسة من الفرح والاحتفال والإحساس بالمناسبة، وهو الشعور الذي أحاول دائماً أن ألتقطه في تصاميمي.

- كيف توازنين بين الأناقة الكلاسيكية اللامتناهية والصيحات العصرية في مجموعاتك؟

أميل دائماً إلى القصّات التي لا يحدّها زمن، ثم أُدخل اللمسات العصرية من خلال الخامات والألوان، أو تفاصيل القصّ البسيطة. أريد للمرأة أن ترتدي تصاميمي الآن، ولكن أيضاً بعد خمس سنوات. المسألة بالنسبة إليّ هي ابتكار ملابس تتجاوز تقلّبات المواسم، لكنها تظل معاصرة وتحاكي اللحظة.

- ما الدور الذي تلعبه الخامات الجريئة والألوان الزاهية والنابضة بالحياة في سرد قصّة علامتك التجارية؟

هي تعكس الفرح والثقة التي أريد للمرأة أن تشعر بها عندما ترتدي من تصاميمي. لا أؤمن بالاختباء خلف الألوان المحايدة. الخامات الجريئة والألوان الزاهية تعني أن تكوني مرئية، أن تحتفي بنفسك من دون أي معوّقات، وأن تعبّري عن حضورك بكل فخر.

- تقدّمين مقاسات من XS إلى 4XL وهذا أمر نادر في عالم الأزياء الراقية. ماذا تعلّمتِ من التصميم لهذه المجموعة الواسعة من المقاسات؟

تعلّمت أن الأجسام ليست مستقيمة. إن توسيع التصميم من XS إلى 4XL لا يعني فقط إضافة بضعة سنتيمترات، بل يعني أيضاً احترام النِّسب المختلفة وتعديل البنية لتناسب كل مقاس بدقّة. هذه التجربة جعلتني أكثر وعياً والتزاماً بالشمولية الحقيقية. أن تكوني قادرة على ارتداء القطعة نفسها التي ترتديها أختك أو صديقتك، حتى لو كانت مقاساتكما مختلفة، هو شعور محرِّر للمرأة. إن الإحساس بالانتماء وبوجود مجتمع متماسك هو أمر رائع، وأنا فخورة بأن أكون جزءاً من هذا التواصل.

- كيف تضمنين أن الشمولية حاضرة ليس فقط في المقاسات، بل أيضاً في رسائل علامتك التجارية وعناصرها البصرية؟

يعتمد الأمر على مَن أختار أن أضع في المقدّمة: العارضات، القصص، والمشاركات... لا أصوّر "حملات للنساء ذوات المقاسات الكبيرة" فقط، بل حملات تضم نساء من مختلف المقاسات. الشمولية ليست مساراً منفصلاً، بل هي وضع افتراضي. كما أحرص على أن تشعر النساء بمقاسات محدّدة وأنهنّ جزء من عالم ديما عايد ومرحَّب بهنّ فيه.

ديما عياد ومارينا رينالدي

- كيف جاءت فكرة التعاون مع مارينا رينالدي، وماذا مثّل ذلك لكِ على الصعيدين الشخصي والمهني؟

كانت مارينا رينالدي ولا تزال منارة للشمولية في عالم الأزياء، وكان التعاون معها نقطة تحوّل. شعرت حينها أن عملي وقيمي يُعترَف بها على مستوى عالمي. كما أكد لي أن الشمولية ليست حكراً على فئة معيّنة، بل هي فخامة حقيقية. ومن الناحية الشخصية، كان لهذا التعاون معنى خاص، لأن جدّتي كانت من زبائن مارينا رينالدي عندما كنت صغيرة، وتشتري منها الكثير، فكان الأمر أشبه بارتباط عائلي وحميم.

- الظهور على منصة Net-a-Porter يُعدّ إنجازاً كبيراً. كيف كانت الرحلة للوصول إلى هناك؟

كان الأمر أشبه بالحلم. عملت لسنوات طويلة من أجل هذه اللحظة. تطلّب ذلك الكثير من الإصرار، والإيمان بهوية العلامة التجارية، والإثبات أن الشمولية والفخامة يمكن أن يتعايشا معاً. شعرت أن هذا الإنجاز لم يكن لي وحدي فقط، بل لجميع النساء اللواتي أصمّم من أجلهنّ، وكأنه اعتراف بقيمتهنّ وبأنهنّ يستحققن هذا المستوى من التقدير والرفاهية.

- كيف ترين تطور علامتك التجارية على الساحة العالمية في عالم الأزياء؟

أرغب في مواصلة التوسع عالمياً مع الحفاظ على جوهر الرسالة. أرى علامتي التجارية تزداد حضوراً في أسواق مثل أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وذلك من خلال التعاون مع شركاء يتشاركون الرؤية والقيم نفسها.

- تديرين أيضاً شركة DAC Communications، كيف تنجحين في الموازنة بين عملين مزدهرين؟

الأمر ليس سهلاً دائماً، لكنني كوّنت فِرقاً قوية في كلا الجانبين. أُقسّم وقتي بشكل مدروس جداً وأكون واعية تماماً بكيفية توزيع طاقتي. والجميل أن العملين يغذّيان بعضهما، فـ DAC تبقيني متيقّظة من ناحية السرد الاستراتيجي والتواصل، بينما علامتي التجارية في عالم الأزياء تغذّي جانبي الإبداعي.


- ما المهارات التي اكتسبتها من خبرتك في العلاقات العامة والتسويق، والتي ساهمت في تشكيل علامتك التجارية في مجال الأزياء؟

إن فهمي لبناء العلامة التجارية، وسلوك المستهلك، وأهمية وجود صوت واضح ومتّسق، كلها مهارات أساسية. لطالما عرفت كيف أقدّم القصص بطريقة تُلامس الناس وتصل إليهم، وهذه القدرة كانت ذات قيمة كبيرة في تطوير العلامة التجارية بشكل أصيل وحقيقي.

- ما النصيحة التي تقدّمينها الى المصمّمين الصاعدين الذين يرغبون في ابتكار تصاميم مؤثرة وبنّاءة؟

أقول لكلٍ من هؤلاء: ابقَ مخلصاً لرسالتك. لا تركض وراء الصيحات أو النجاح السريع. ابنِ مجتمعك خطوةً بخطوة، وصمّم بوعي وهدف واضح، وافهم عميلك جيداً. والأهم، كُن على دراية بالأرقام الحقيقية، فالإبداع والاستدامة المالية يجب أن ينموَا جنباً إلى جنب، وليس كلٌ على حدة.

- كيف تُشكّل التقاليد والحِرف الشرق أوسطية مجموعاتك؟

غالباً ما أستوحي تصاميمي من القصّات الانسيابية والأقمشة الفاخرة في المنطقة، لكنني أُعيد تقديمها ضمن سياق عصري. إن الحِرفية في الشرق الأوسط تتمحور حول التفاصيل والاستمرارية والفخر، وهذه قيم جوهرية في علامتي التجارية، وأحرص على أن تنعكس في كل قطعة أصمّمها.

- ماذا تعني لكِ الأصالة الثقافية في سياق الموضة المعاصرة؟

تعني أن أبتكر انطلاقاً من تجربة معيشة وحقيقية، وليس من مظهر خارجي مستعار. الأصالة الثقافية تعني أن أكرّم جذوري والمكان الذي أتيتُ منه، من دون أن أحوّله إلى نمط سطحي أو موضة عابرة. إنها احترام للهوية، وليست تزييناً شكلياً لها.

- بصفتك مصمّمة وسيدة أعمال، كيف تأملين أن تُلهمي الجيل القادم من النساء في مجال الأعمال؟

أرغب في أن أُظهر لهنّ أنه يمكن القيادة بالقوة واللّين معاً، وأن من الممكن بناء أعمال تخلق مساحة حقيقية للواتي تم تهميشهنّ عبر التاريخ. أريد أن تعرف الشابات أنهن لا يحتجن إلى تقليص أنفسهن أو التنازل عن هويتهن من أجل النجاح، بل يمكنهن أن ينجحن وهنّ بكامل حضورهن وقيمهن.

- ما هي الخطوة المقبلة لعلامة "ديما عياد" التجارية؟ وما الإرث الذي تأملين أن تتركيه في عالم الموضة؟

أرغب في الاستمرار بالتوسّع عالمياً، لكن الأهم من ذلك أن أترك إرثاً يجعل من شمولية المقاسات أمراً بديهياً، لا موضوعاً للنقاش. أريد أن تُذكر علامتي بأنها جعلت النساء يشعرن بأنهنّ مرئيات، جميلات، ومستحقّات، تماماً كما هنّ، من دون الحاجة إلى التغيير أو التبرير.