الاستطلاعات والتحقيقات

الأربعاء - 17 أبريل 2024 - الساعة 02:44 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن (المرصد) خاص:



قالت القيادة المركزية الأميركية، سنتكوم، إن قواتها اشتبكت بنجاح مع طائرتين مسيّرتين في مناطق يسيطر عليها الحوثيون المتحالفون مع إيران في اليمن في 16 أبريل.
وأضافت القيادة المركزية في بيان "لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار من جانب السفن الأميركية أو سفن التحالف أو السفن التجارية".
وقال بيان سنتكوم: "بين الساعة 10:50 صباحًا و11:30 صباحًا (بتوقيت صنعاء) في 16 أبريل، نجحت قوات القيادة المركزية الأميركية (USCENTCOM) في الاشتباك مع طائرتين بدون طيار (UAV) في المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون الحوثيون والمدعومون من إيران في اليمن.
ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار من قبل السفن الأميركية أو التحالف أو السفن التجارية."
وأضاف البيان: "تقرر أن الطائرات بدون طيار تمثل تهديدًا وشيكًا للولايات المتحدة والتحالف والسفن التجارية في المنطقة. ويتم اتخاذ هذه الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمانًا وأمانًا للسفن الأميركية والتحالف والسفن التجارية."

الطائرات المسيرة تهديد حوثي مباشر للملاحة الدولية

 ويستخدم الحوثيين طائرات بدون طيار لشن هجمات على السفن التجارية والأميركية والتحالفية في المنطقة, وتشكل  هذه الهجمات تهديدًا مباشرًا لحرية الملاحة وسلامة السفن.
ويقول الحوثيون إنهم يصنّعون طائراتهم المسيّرة محلياً، وكشفوا عنها في عرض عسكري أقيم في صنعاء في مارس 2021.
وتتضمن ترسانتهم من الطائرات بدون طيار ميسّرات “شاهد-136” الإيرانية التي تستخدمها روسيا في حربها على أوكرانيا ويبلغ مداها حوالى ألفَي كلم. ولدى الحوثيين أيضًا مسيّرات من طراز “صماد 3”.
ويمكن لـ”صماد 3″ حمل 18 كلغ من المتفجرات، وفقا لمصادر إعلامية حوثية وخبراء.
وجاء في تقرير “مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية” في 2020 أنّ الطائرات بدون طيار هذه “تستخدم إرشادات نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس) وتحلّق بشكل مستقل على طول نقاط الطريق المبرمجة مسبقا نحو أهدافها”.

وفي حين وجدت الجماعة الحوثية في حرب غزة فرصة للهروب من أزمتها الداخلية والتشويش على مساعي السلام، ومحاولة تبييض جرائمها بحق اليمنيين، صعدت أخيرا من تهديداتها باستهداف السفن الدولية كافة في البحر الأحمر التي تذهب لإسرائيل، بعد أن كانت قصرت التهديد على السفن التي لها صلة بإسرائيل.

الواقع يقول إن تهديدات الحوثي باتت تمثل معضلة حقيقية للاقتصاد العالمي وليس فقط للاقتصاد الإسرائيلي، حيث أوقفت شركات نقل نفط دولية كبرى مثل BP وشركات شحن كبرى، وأبرزها “ميرسك” عبر الناقلات والسفن التابعة لها في البحر الأحمر بسبب تعرض السفن المتواصل لقصف الحوثيين وتهديداتهم، ما بات يمثل تهديداً لحرية الملاحة وحركة التجارة المارة بهذا الممر الملاحي الحيوي.


الحوثي تهديد اقليمي 

منحت الحرب في غزة الفرصة للحوثيين لتعزيز سلطتهم في اليمن وتوسيع نفوذهم الإقليمي. ولتحقيق أهدافهم، شنّ هؤلاء عشرات الهجمات ضد الملاحة في البحر الأحمر. وقد سمح لهم ذلك على الصعيد الداخلي بحشد مشاعر السكان المؤيدة للفلسطينيين. كما تمكنت الحركة من فرض نفسها كقوة ناشئة على المستوى الإقليمي، وأثبتت قدرتها واستعدادها لعرقلة حركة الملاحة في أحد الممرات الرئيسية للتجارة العالمية.


يرى الباحث الأميركي المتخصص في شؤون الأمن القومي سكوت مورغان أن وقف التهديدات التي يشنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر يكمن في حل النزاع في غزة، مضيفا: "عند ذلك يكون هو الوقت الذي يهدأ فيه البحر الأحمر أخيرا ويمكن أن تستأنف التجارة الدولية دون توقف أو عراقيل".

ولا يعتقد مورغان أن الجهود الأميركية البريطانية يمكن أن توقف هجمات الحوثيين كما تعتقد الحكومتان حاليا، إذ كانت "ضرباتهم مثل الوخز بالنسبة لترسانة الأسلحة التي تمتلكها جماعة الحوثي في أحسن الأحوال".

واختتم حديثه قائلا: "الضربات لم تردع الحوثيين عن هجماتهم، في حين أعلنت شركات جديدة أن البحر الأحمر غير آمن لنقل منتجاتها، وآخر ذلك قرار شركة (شل) بتعليق جميع الشحنات عبر هذا الممر إلى أجل غير مسمى".

يرى المحلل السياسي والصحافي اليمني رماح الجُبري أن الحضور الفرنسي في البحر الأحمر إلى جانب بريطانيا وأميركا تأكيد على الإجماع الدولي في استشعار خطر الجماعة الحوثية التي قدمت نفسها بوصفها ذراعا إيرانية لاتهامها المصالح اليمنية.

ويقول الجبري: خلال سنوات الحرب في اليمن لا سيما مع تولي الملف اليمني من قبل المبعوث مارتن غريفيث وبعدها إدارة الرئيس بايدن حصلت الجماعة الحوثية على حوافز كثيرة جعلتها تطمع بالحكم في اليمن بدءا من التعامل معها بوصفها طرفا سياسيا وسلطة، كما يسمونها، (أمر واقع) وكذا إلغاء تصنيفها بوصفها منظمة إرهابية.

ويرى أن الجماعة حظيت بتدليل دولي مع استمرارها في ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وعبثها بالجهود الدولية لتحقيق السلام دون لغة رادعة تضعها في مكانها الحقيقي وتحد من طموحات مموليها في إيران.

وفي ظل التصعيد الأخير من قبل الحوثيين، يعلق الجبري يبدو أن المجتمع الدولي سيدفع ثمن سياسته الخاطئة في التعامل مع الجماعة الحوثية، وسيدفع اليمنيون أيضاً ثمنا إضافيا كون الشواطئ والمياه الإقليمية اليمنية ستتحول ربما إلى ساحة للصراع الدولي.


وقال كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة "نافانتي" الاستشارية الأميركية محمد الباشا لوكالة فرانس برس إن "جماعة الحوثي تسعى إلى تحقيق أهداف استراتيجية بمشاركتها في صراع إقليمي بما في ذلك ضمان النفوذ السياسي في اليمن والمنطقة".
وأوضح الباشا أن المتمردين يسعون "للحصول على اعتراف وشرعية كلاعبٍ مهم في الصراعات الإقليمية" إضافة إلى "تجديد وحشد قاعدتهم" الشعبية.


الدعم الإيراني يرفع مستوى تهديد الحوثي 

ولان المبدأ المهيمن في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو تجنب المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، نظراً للتفاوت الكبير في القوة بين البلدين. ويسمح الدعم الذي تقدمه لجماعة الحوثي والجماعات الأخرى الموالية لها في المنطقة بدفع خطر انعدام الأمن إلى ما وراء حدودها. يعود ذلك إلى إدراك قادة إيران أنه في حالة حدوث تصعيد كبير، فإن للولايات المتحدة في نهاية المطاف القدرة على إلحاق ضرر أكبر. وهذا هو جزئياً السبب الذي جعل طهران تشجع حزب الله على عدم تصعيد صراعه مع إسرائيل، علماً وأن ضبط النفس هذا ينسجم مع المصالح الداخلية الحالية للحزب اللبناني.

لا يُعرف على وجه الدقة حجم الدعم المالي الذي تقدمه إيران للحوثي  لكنه لا يتجاوز على الأرجح بضع مئات من ملايين الدولارات سنوياً، وذلك منذ 2015. من خلال تزويد الحوثيين بأسلحة خفيفة وذخائر وقطع غيار للأسلحة الأكثر تطوراً، مثل الصواريخ والطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى التدريب والاستخبارات اللازمة لاستخدامها، فإن الاستثمار الإيراني المحدود قد حقق لها مكاسب كبيرة جداً. وقد أصبح الحوثيون بفضل هذا الدعم الجزئي، القوة المهيمنة في اليمن ولاعباً رئيسياً في “محور المقاومة”- أي الشبكة الإقليمية للجماعات المسلحة غير الحكومية بقيادة طهران.

بروز الحوثيين كلاعب إقليمي قوي يصبّ أيضاً في مصلحة إيران خارج حدود اليمن، وذلك من خلال تعزيز قدراتها الردعية وإمكانية فرض تكاليف على منافسيها الأمريكيين والإسرائيليين والسعوديين. ويُشار إلى أنه بالإضافة إلى مضيق هرمز، يمكن لإيران وشركائها تعطيل الملاحة في نقطة ساخنة أخرى، وهي مضيق باب المندب، الذي يربط خليج عدن بالبحر الأحمر، والذي تمر عبره حوالي 12% من التجارة البحرية العالمية.