الفن والأدب

الأحد - 04 نوفمبر 2018 - الساعة 06:22 م بتوقيت اليمن ،،،

المرصد/عصام واصل


يتنقل الفنان اليمني الكبير أيوب طارش عبسي، بين مشافي العالم متدثراً بإهمال كبير من قبل الدولة، وهي التي تمنحه الوعود تلو الوعود بتقديم دعم يعينه على دفع كلفة الأدوية والفحوصات، لكنها لا تفي بها كما لا تفي بوعودها التي تقطعها للشعب دوماً.
ما يزال أيوب، صوت الشعب وملحن نشيده الوطني و«مموسق» بهجته وعشقه، ينتظر منحة الدولة العلاجية بصبر وصمت، فهو أيوب الصابر المتأمل في ما تقوم به دولة مفرطة العبثية لا تخجل، وما تزال عيناه تنظران وتنتظران هبة حكومة فاسدة تنسى أيوب برغم عدم نسيانها الاستماع إلى صوته أو لحنه في نشيد وطني خلد أيوب، كما خلد مشاعر شعب بأكمله، لكنها لا تخجل.
ما يزال أيوب يستلقي على سرير مرضه في مغتربه، كما تستلقي أغنياته في قلوبنا وأرواحنا كسجادة صلاة وعشب مبلل.
لقد تخلوا عن أيوب الذي هندس أحلامنا وصاغ توقنا وطموحنا وعشقنا، وعلَّمنا معنى الطيران ومعنى الحب ومعنى الوطن ومعنى الوطنية ومعنى كراهية اللصوص، الذين ما يزالون يحجبون الضوء، وسيظلون كما ستظل شهقاته دستورنا الأبدي.
لماذا تتراخى الدولة عن إرسال معونة علاجية إلى أيوب بشكل عاجل؟ ما الذي يمنعها؟ هل ثمن برميل نفط لا يفي بالغرض؟ أو ربع راتب لص في الحكومة لشهر واحد لا يكفي؟ أم أن عملية التحويل صعبة بعدما أغلق «العتاولة» مصارفاً شكلياً برغم أن معظمها يعود إليهم؟
هل يخجل اللصوص؟ هل يمتلك المسؤولون مشاعراً؟ هل لديهم ذرة حياء أو خجل؟ أين وزير الثقافة؟ أين وزير الإعلام؟ وهل عاد معين من المهرة؟ وهل يشعر بن دغر بعد رحيله بالراحة النفسية حينما يتابع أخبار أيوب؟
أيوب ليس مجرد فنان عابر، إنه جزء من هوية البلد، وجزء رئيسي من أفراحنا، ومناسباتنا الخاصة والوطنية، إنه «مؤبجد» أحلام نصرنا التي لا تغيب، إنه الكائن الذي يجمع على وطنيته الجميع وينهلون منها ولا يختلفون معها، لكن دولةً لا تؤمن بغير الربح والخسارة لا يدرك «عتاولتها» معنى ذلك، أيوب هو النصر، وهو عزف نشيدنا الوطني الخالد، ونزف أحلامنا، وعزف أرواحنا وهم القبح كل القبح، إنهم هزائمنا كلها وغيابنا عن المجد والوطنية، إنهم كارثتنا التي تفوق الكوارث كلها.
تشكل حالة أيوب وما يواجهها من إهمال، لعنة لن ينساها اليمني الآن أو في المستقبل، فمع كل لحظة يحضر فيها أيوب –وهو الحضور المستمر وهم الغياب الطويل- ستلعنهم الحناجر التي تشدو بأيوب ومع أيوب.
هل يشعرون بالخجل؟ هل ينامون وهم يعرفون أن أيوب لا ينام؟ لماذا يتجاهلون مناشدات المئات من أبناء الشعب الذين يطالبون بإنقاذ نشيدهم الوطني من التيه والتعب والإهمال؟ كم هي كلفة إقامة وزير الثقافة أو أي وزير ليوم واحد فقط في فندق ما؟ وكم هي بدلة سفر هذا الوزير؟ وهل يردد الآن مواله المعتاد أن وزارته لا تمتلك مالاً في رصيدها؟ هل سيدفع هؤلاء لأيوب من أموال آبائهم الخاصة أم من أموال الشعب التي ينهبونها كل يوم؟ كيف فرطوا بنشيدهم الوطني؟