آخر تحديث :الثلاثاء-13 مايو 2025-11:34م

مقالات


"حين يُظلَم الإنسان باسم القبيلة"

"حين يُظلَم الإنسان باسم القبيلة"

الإثنين - 12 مايو 2025 - 11:51 ص بتوقيت عدن

- مقال لــ اسامة باحويرث




" نحن من نسل آدم، لا من طبقات "

"مقص الشعر لا يقطع الكرامة"

" بأي ذنب حُرموا …!!؟

" المجتمع الذي خذل أبناءه "

في وقت يتغير فيه العالم من حولنا بسرعة، لا يزال الكثير من أبناء بلادي اليمن يعيشون أسرى لعادات مضى عليها الزمن، في كثير من قرى ومناطق اليمن، لا تزال الأعراف القبلية تتحكم في تفاصيل الحياة اليومية، بل وتمتد لتقرر من يستحق الاحترام، ومن يُقصى، ومن يُمنع من حقه البديهي في الزواج والاندماج الاجتماعي، التمسك بالأعراف القبلية صار فوق الدين، وفوق العقل، وفوق الكرامة الإنسانية.

لا يزال هناك من يُمنع من الزواج لأنه ينتمي إلى "المزينين" هناك فئة من الناس يُطلق عليهم في بعض المجتمعات اليمنيه باسم "المزينين"، أو إلى عائلة تمتهن مهنة بسيطة كالحلاقة أو الجزارة أو مهن لا تُقلل من إنسانيتهم ولا تضعهم في مرتبة أدنى، لكنها في نظر المجتمع تُنقص من "النسب".
يُنظر إليهم بنظرة دونية، ويُمنعون من التزاوج مع غيرهم من طبقات المجتمع الأعلى حسب التصنيف القبلي.

القضية لا تقف عند حدود العادات، بل تتحول إلى نظام غير معلن من التمييز الطبقي، مدعوم بتقاليد صارمة وأحكام اجتماعية جائرة.

كم من شاب أحب فتاة بصدق، وطرق بابها بالحلال، فقوبل بالرفض فقط لأنه ليس من "قبيلتهم" يُمنع منها فقط لأنه ابن حلاق اما اذ كان العكس تقف القبيلة، ضده، ويتحول الحلال والحق المشروع في الزواج والترابط الاجتماعي إلى جرم، وتُتلى عليه عبارات التبرؤ والتخوين وكأنه ارتكب خيانةً وطنية

وكم من فتاة خُطفت منها سعادتها لأن عائلتها قررت أن كرامة القبيلة تُهدد إن زُوّجت من غير "مستوى". تُعقد المجالس، وتُصدر "تبرؤات"، وتُكسر البيوت، كل هذا من أجل فكر قبلي عالق في عصور الجهل.

هذا الواقع تحول من إرث ثقافي، الئ ظلم اجتماعي لا يليق بشعب مثل الشعب اليمني الذي عُرف بالكرم والكرامة والمروءة، لا يزال الكثير من الشباب يُحاصرون بين حبهم للحياة العادلة، وتمسك المجتمع بقيود التمييز. في وطنٍ يجب أن يكون فيه الإنسان بقيمه، بأخلاقه، بعمله، لا بنسبه أو اسم قبيلته

وقد قال الله تعالى:
"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" [الحجرات: 13].

فالقبائل وُجدت لنتعارف، لا لنتنافر، ولنتكامل، لا لنتفاخر.
نحن بحاجة إلى وعي جديد، إلى مراجعة جادة لتلك العادات التي تخالف الدين والعدالة نحن بحاجة لوقفة، نُراجع فيها أنفسنا، لا ليُلغى الاحترام للتقاليد، بل ليُعاد توجيهها نحو ما يكرّم الإنسان، لا ما يهينه.

التمييز لا يبني مجتمعًا، والطبقية لا تصنع حضارة، كلنا من طين، وكلنا لربٍ واحد، ومن ظلم الناس باسم العُرف، سيقف يومًا أمام الحق الذي لا يعرف طبقة ولا قبيله،
الأصل الحقيقي ليس في الاسم ولا في القبيلة، انما هو في الخلق والدين والعمل الشريف.

آن الأوان أن نكسر هذه القيود، أن نُعيد تعريف الشرف، ونُعلي من قيمة الإنسان لا من قيمة لقبه.
فالله لا ينظر إلى أنسابنا، بل إلى قلوبنا وأعمالنا.