آخر تحديث :الأحد-17 أغسطس 2025-11:17م

مقالات


تحسّن الريال بين القبضة الرقابية والإصلاحات الهيكلية :

تحسّن الريال بين القبضة الرقابية والإصلاحات الهيكلية :

الأحد - 17 أغسطس 2025 - 11:03 م بتوقيت عدن

- كتب د. علي ناصر سليمان الزامكي


 
نستعرض معكم المشهد المالي والتحسن الحاصل من خلال القبضة الرقابية وقرأة التحسن في المؤشرات والتدابير المتخذة واهمية دور القطاع الخاص  واهمية الإصلاحات الهيكلية : 

أولًا: القبضة الرقابية وأثرها الفوري :  قامت  الحكومة والبنك المركزي بسلسلة من التدابير، أبرزها البدء بنقل المنظومة المصرفية من صنعاء إلى عدن ، و تفعيل لجنة المدفوعات ( اللجنة الوطنية المشرفة على تنظيم عمليات الاستيراد )وتشديد الرقابة على البنوك وشركات الصرافة، وإلزامها بتوريد النقد الأجنبي للبنك المركزي، بالإضافة إلى  لجنة الموارد المالية التي اتخذت إجراءات تصب في  ضبط وتحصيل وتوريد إيرادات الموانئ ( المنافذ البرية والبحرية والجوية )،والجمارك والضرائب وربطها جميعاً إلكترونيًا لاتمام توريدها إلى البنك المركزي .  
ثانيًا: قراءة في التحسن للمؤشرات والتدابير المتخذة : 
قيام الحكومة والبنك المركزي بعدة تدابيروالمتمثلة بنقل المنظومة المصرفية إلى عدن ، وتفعيل الجنة الوطنية لترشيد وتنظيم عملية الاستيراد ، واحكام وتشديد الرقابة ، بالإضافة إلى إجراءات لجنة الموارد المالية ، تبين جميعها بأن التحسن ناتج عن ضغوط رقابية وإجرائية لادارة المشهد المالي وهي تعد خطوة استراتيجية مهمة لاستعادة السيطرة النقدية، وتعزيز ثقة المودعين ، وهذه بدورها تقود إلى تحجيم السوق السوداء، بالإضافة إلى استقطاب وتحويل التدفقات المالية  للقنوات الرسمية التي تسهم إسهام كبير في نجاح إدارة السياسة النقدية وإدارة السياسة المالية ، فعلى سبيل المثال  تحويلات المغتربين بحسب  البنك الدولي، بلغت تحويلات اليمنيين في الخارج نحو 3.8 مليار دولار عام 2024 ، ومع نقل المنظومة المصرفية إلى عدن وتشديد الرقابة سوف تدخل  نسبة أكبر من تحويلات المغتربين عبر القنوات الرسمية مما يدعم العرض النقدي  من الدولار وبالتالي تخفيف الضغط على العملة .
ثالثاً : دور القطاع الخاص : 
رغم هيمنته على أكثر من 70% من النشاط الاقتصادي، يظل القطاع الخاص محدود في شراكته في رسم وفاعلية السياسة الاقتصادية وعملية إشراكه بفاعلية مهمة ، وكذا توفير بيئة استثمارية مستقرة، حيث يمكن لفاعلية شراكة القطاع الخاص من تحويل هذا التحسن النقدي إلى نمو اقتصادي مستدام.
رابعاً : المخاطر المحتملة قد تنشأ من خلال غياب الإصلاحات الهيكلية في سياق سعر الصرف والمنظومة المصرفية ؟  
الإصلاحات الهيكلية هي تغييرات عميقة وطويلة الأمد في أسس عمل الاقتصاد، وليست مجرد إجراءات مؤقتة لتهدئة الأسواق. ومن هذه الإصلاحات المطلوبة  مثلًا:
    •    إصلاح السياسة النقدية من خلال : 
    -    إلغاء الانقسام المصرفي  ( المؤسسي والإداري) 
    -     وضع آلية شفافة لتحديد سعر الصرف، سواء عبر التعويم المدار أو آليات السوق المنظمة.
    - استمرار وقف التمويل بالعجز عبر طباعة العملة بدون غطاء.
    •    إصلاح السياسة المالية من خلال  : 
-     زيادة الإيرادات الثابتة والدائمة (الضرائب، الرسوم الجمركية، صادرات النفط والغاز).
    -    ضبط النفقات العامة، خصوصًا في باب المرتبات ( الازدواج ، والدعم غير الموجه).
    -    تقليص الاعتماد على التمويل التضخمي (طباعة النقود).
    •    إصلاح القطاع المصرفي من خلال :  
    -    تحديث القوانين المصرفية والرقابة الفعلية على البنوك.
    -    فرض معايير الامتثال المصرفي ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
    -    تحسين الثقة بين المواطنين والبنوك لاستعادة الودائع.
    •    تحسين بيئة الاستثمار
-     الحد من الاحتكار والتهريب عبر المنافذ.
    -    تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي.

 إذا غابت هذه الإصلاحات، يصبح أي تحسن في سعر الصرف مهدداً ، لأن السوق سيعود إلى المضاربة، وتهريب الأموال للخارج، وفقدان الثقة بالقطاع المصرفي ، ولكي نجنب بلادنا الوقوع في تجارب دولية مشابهة كما في السودان ولبنان لابد من الإصلاحات الهيكلية .

خامساً : التوصيات
    •    التأكيد على الإصلاحات الهيكلية
        •    الاستمرار في إلغاء الانقسام المصرفي .
    •    دعم الإنتاج المحلي والصادرات.
    •    تعزيز استقلالية وشفافية البنك المركزي.
    •    تنشيط قطاعات النفط والغاز.
    •    إشراك القطاع الخاص في صياغة السياسات الاقتصادية.

ختاماً: 
تحسّن سعر الريال فرصة تاريخية، لكنه سيبقى مهدداً إن لم يُدعَم بإصلاحات اقتصادية ومؤسسية جذرية.

د. علي ناصر سليمان الزامكي
استاذ الادارة المالية المشارك بجامعة عدن.