آخر تحديث :الأربعاء-24 ديسمبر 2025-10:17م

اخبار وتقارير


الجنوب أولوية والطريق الأقصر نحو سلام حقيقي ومستدام في اليمن

الجنوب أولوية والطريق الأقصر نحو سلام حقيقي ومستدام في اليمن

الأربعاء - 24 ديسمبر 2025 - 08:25 م بتوقيت عدن

- ((المرصد))خاص:

في خضم التحولات المتسارعة التي تشهدها اليمن والمنطقة، تعود قضية الجنوب لتفرض نفسها بوصفها أحد أكثر الملفات ارتباطًا بمعادلة الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. فالتطورات الميدانية والسياسية منذ سنوات، وصولًا إلى مشهد البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، تؤكد أن التعامل مع الجنوب كـ“تفصيل مؤجل” لم يعد ممكنًا، وأن أي مقاربة واقعية للحل في اليمن تبدأ من الاعتراف بالحقائق على الأرض، لا من إنكارها أو القفز فوقها.


وتكتسب هذه الحقيقة وزنًا أكبر في ظل تهديدات الملاحة الدولية المرتبطة بهجمات الحوثيين في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وما ترتب عليها من تحذيرات رسمية للقطاع البحري بأن السفن ما تزال معرضة للخطر عند العبور


أولًا: التعامل مع الواقع لا إنكاره
الجنوب اليوم ليس “عنوانًا سياسيًا” فقط، بل واقعٌ سياسي وأمني وإداري تشكل عبر سنوات من الصراع وبناء المؤسسات المحلية. وتشير قراءات بحثية وبرلمانية حديثة إلى أن ميزان القوى في الجنوب شهد تحولات واضحة، مع تمدد نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي في مناطق جنوبية خلال 2025، في سياق جبهات عسكرية بقيت عمومًا أكثر استقرارًا مقارنة بفترات سابقة
هذه المعطيات تعني أن تجاهل الجنوب لا يصنع “تسوية”، بل يصنع مسارًا ناقصًا منذ بدايته؛ لأن أي ترتيب سياسي لا يلامس مراكز القوة والإدارة الفعلية على الأرض سيظل هشًا، وقابلًا للانهيار عند أول اختبار.


ثانيًا: دعم الجنوب يمنع انفجارات مستقبلية
القضية الجنوبية لا تُقرأ بمعزل عن الأمن الإقليمي والدولي، خصوصًا في ملف الممرات البحرية. فالجنوب يقع على تماس مباشر مع واحد من أهم الشرايين البحرية عالميًا: باب المندب وخليج عدن والبحر العربي. ومع تصاعد هجمات الحوثيين، تحوّلت المنطقة إلى بؤرة قلق دولي، ووُصفت بأنها ساحة عمليات بحرية نشطة لمجموعة مدعومة من إيران سعت لتحويل باب المندب إلى منطقة حرمان/تهديد للملاحة.


من هنا، يصبح استقرار الجنوب عامل “منع انفجار” لا عامل تصعيد:
• استقرار الجنوب يرفع قدرة الإقليم على حماية الملاحة وتخفيض مخاطر التهديد البحري.
• ويحدّ من فراغات الأمن التي تستغلها شبكات التهريب والجماعات المتطرفة.
• ويُخفّض كلفة الصراع عبر تثبيت مناطق الاستقرار بدل دفعها نحو دوامة اضطراب جديدة.


كما أن مجلس الأمن نفسه تعامل مع البعد البحري كقضية دولية، عبر قرارات تتناول تهديدات البحر الأحمر وتحث الدول على دعم قدرات خفر السواحل اليمني، في إشارة إلى مركزية هذا الملف في الأمن الدولي


ثالثًا: الحلول المؤقتة تعيد إنتاج الصراع
تجربة اليمن خلال السنوات الماضية قدّمت درسًا واضحًا: “الترقيع السياسي” يؤجل الأزمة ولا يعالجها. واتفاق الرياض (2019) – رغم أهميته كإطار لاحتواء صدامات داخل المعسكر المناهض للحوثي – ظل يعاني من تحديات تنفيذية وتباينات حول ترتيبات القوات والإدارة وتقاسم السلطة، وهو ما جعل كثيرًا من بنوده محل أخذ ورد مع مرور الوقت.


الخلاصة هنا أن أي مسار سياسي يتجاوز جوهر القضية الجنوبية أو يتعامل معها كملف ثانوي سيبقى محكومًا بالفشل، لأن جذور الأزمة ستظل قائمة، وستعود في شكل صراع جديد عند تغيّر موازين القوى أو تعثر التسويات.


الجنوب جزء من الحل لا المشكلة
في المحصلة، لم تعد قضية الجنوب “قضية محلية” يمكن تدويرها بخطاب سياسي عام، بل هي مدخل واقعي لاستقرار اليمن والمنطقة:
• لأن الجغرافيا الجنوبية ترتبط مباشرة بأمن الملاحة الدولية.
• ولأن تجاهل الحقائق الميدانية والسياسية يُنتج تسويات ورقية
• ولأن الحل المستدام يبدأ بالاعتراف بإرادة الناس على الأرض، وبناء ترتيبات سياسية وأمنية تعالج جذور الصراع بدل تدويره.


وبين واقع البحر الأحمر، وتحولات الداخل اليمني، يتأكد أن “التعامل الواقعي مع الجنوب” ليس خيارًا دعائيًا، بل شرطًا لازمًا لأي استقرار إقليمي ودولي قابل للاستمرار.