تحليلات سياسية

السبت - 01 مايو 2021 - الساعة 08:31 م بتوقيت اليمن ،،،

(المرصد)متابعات

أعادت التصريحات التي أدلى بها القيادي البارز في الانتقالي أحمد سعيد بن بريك، عن لقاء له مع اللجنة الخاصة السعودية، الجدل القديم حول نفوذ تنظيم الإخوان داخل اللجنة التي تتولى إدارة الملف اليمني منذ عقود.

حيث كشف ابن بريك في لقاء له مع قناة "الغد المشرق" عن تفاصيل لقائه الأول مع اللجنة الخاصة بعد تعيينه محافظاً لحضرموت أوائل عام 2016م ،لتقديم قائمة بمتطلبات تحرير المحافظة وعاصمتها المكلا، كانت حينها تحت سيطرة تنظيم القاعدة.

وكشف ابن بريك بأن القائمين على اللجنة الخاصة السعودية وبدلا من مناقشة ما تقدم به من طلبات، وجهوا له سؤالاً: "هل أنت عفاشي؟ أي موال للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وقال ابن بريك بأنه رد على ذلك، بالإشارة إلى إن الرئيس هادي ونائبه محسن وكل القيادات العسكرية والمدنية التابعة للشرعية كانت تعمل تحت قيادة "عفاش" في السابق.

ابن بريك اعتبر هذا السؤال استفزازياً، وقال بأنه خاطب أعضاء اللجنة الخاصة السعودية قائلاً: لماذا تسألني هذا السؤال للاستفزاز؟ هل لأني مش من قوام حزب الإصلاح أو الإخوان المسلمين؟.

تساؤل اللجنة الخاصة اعتبره المراقبون والمتابعون دليلاً واضحاً على نفوذ جماعة الإخوان داخل هذه اللجنة، حيث يعد الولاء للرئيس السابق بنظر الجماعة تهمة تلصقها ضد معارضيها وخصومها، على الرغم من أنها مثلت أبرز حلفاء صالح لسنوات طويلة.

ومنذ بداية الحرب لاحقت اللجنة الخاصة اتهامات بالعمل لصالح جماعة الإخوان وتمكينها من مفاصل الدولة، لذا اعتبرت شهادة ابن بريك أول دليل ملموس على هذه الاتهامات التي تولدت جراء تجارب وأحداث مختلفة.

ولعل بداية بروز هذه الاتهامات كانت من تعز، حيث تُتهم اللجنة بأنها عملت على تحويل الدعم العسكري والمالي لصالح مجلس المقاومة الذي شكله القيادي الإخواني حمود سعيد المخلافي، الذي تم تشكليه لانتزاع قيادة المعركة من المجلس العسكري المكون من 5 قادة ألوية وضباط بالجيش.

وفي نظر خصوم الإخوان في تعز، مثلت هذه السياسة السبب الرئيس في "ملشنة" تعز لصالح الإخوان والحال الذي وصلت إليه اليوم، بعد توجيه ضربة قاصمة للجهود التي كانت تبذل من قادة عسكريين وقوى سياسية حينها لتأسيس نواة حقيقية لجيش وطني.

سبق وأن عبر عدد من قيادات المقاومة في أكثر من جبهة ومحافظة عن صعوبة حصولهم على الدعم من قبل التحالف أو السعودية تحديداً، على عكس القيادات المحسوبة على الإخوان والتي "يُغدق" عليها بالأموال والأسلحة، بل وصل الأمر إلى عدم إمكانية تواصل هذه القيادات مع اللجنة الخاصة أو مع الجانب السعودي في التحالف إلا عبر وسيط "إخواني".

وانتقل الوضع مع تشكل الألوية العسكرية لجيش الشرعية، والذي بات أشبه بإقطاعية خاصة بجماعة الإخوان وقياداتها وبخاصة في مأرب وجبهات الحدود، التي منحت لسماسرة من الجماعة لحشد المقاتلين من الداخل مقابل مبالغ باهظة على كل فرد، وبالطبع من اللجنة الخاصة.

تصرفات أثارت الشكوك والحيرة عن حجم العلاقة القوية بين القائمين على اللجنة وجماعة الإخوان، رغم العداء الواضح الذي أعلنته القيادة السعودية تجاه جماعة الإخوان بإدراجها ضمن قائمة الجماعات الإرهابية في مارس من عام 2014م.

وفي أبريل 2018م اعتبر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تنظيم جماعة الإخوان المسلمين بأنه "الأب الشرعي لجميع الحركات والتنظيمات التي انتشرت في العالم"، في تصريح له مع وسائل إعلام أمريكية.

وقال ابن سلمان بأن المناهج في السعودية تعرضت لغزو من عناصر لجماعة الإخوان المسلمين بعد عام 1979م، بسبب "الصحوة الإسلامية"، متعهداً "بالقضاء عليه نهائيا".

ويمكن الإشارة إلى قضية ضابط الاستخبارات السعودي الفار "سعد الجبري" التي تفجرت في أغسطس 2020م ، للاستدلال على جحم التغلغل الإخواني في مفاصل الدولة في السعودية وبخاصة في الجانب الأمني لنحو 40 عاماً، ولم تكن اللجنة الخاصة ببعيد عن ذلك.

فالجبري الذي يحمل رتبة لواء ظل لسنوات الذراع اليمنى للأمير محمد بن نايف ولي العهد وزير الداخلية السابق والذي كان يعد الرجل الأقوى داخل السعودية لسنوات طويلة، وعرف بتعاطفه مع فكر الإخوان، وكان أيضاً مسئولاً على اللجنة الخاصة المكلفة باليمن، حيث كانت السعودية ترى لليمن كملف أمني بحت.

الخطير في الدور الذي لعبه الجبري - وهو من عناصر الإخوان- كان في أن قربه من ولي العهد السابق، جعله حلقة ربط بين الاستخبارات السعودية وأهم أجهزة الاستخبارات العالمية كالأمريكية وكالبريطانية، ليتحول إلى ما يشبه صندوقا أسود للأسرار والمعلومات الأمنية.

وعقب الإطاحة بالرجل من منصبه أواخر عام 2015م ، سافر مع معظم أفراد أسرته عبر ألمانيا إلى الولايات المتحدة وانتقل للإقامة في كندا، لتتقدم السلطات السعودية بطلب تسليمه بعد أن كشفت وسائل إعلام سعودية عن تورط الرجل في العبث بنحو 11 مليار دولار خصصت لصندوق مكافحة الإرهاب الذي تولى إدارته لسنوات.

اللافت في القضية أنه وفي خضم تصاعدها إعلامياً، نشر موقع قناة الجزيرة القطرية آنذاك تقريرا كشف فيه بأنه أطلع على 162 صفحة من الوثائق السعودية السرية التي تكشف عن معلومات مهمة بشأن طريقة إدارة النظام السعودي ملف اليمن منذ انطلاق الثورة الشبابية عام 2011.

ورغم العدد الذي ذكرته من الوثائق إلا أن الموقع لم ينشر سوى ثلاث وثائق فقط، مكتفيا فقط بالحديث عن مضمون عام لأهم ما تضمنته الوثائق، وتعود الوثائق المنشورة إلى اللجنة الخاصة التي كان يقودها الأمير نائف، وهو ما يشير إلى أن مصدر هذه التسريبات هو سعد الجبري الذي هدد بنشر ما لديه من معلومات وأسرار، لوقف ملاحقته بقضية الأموال من السلطات السعودية.

يمكن اعتبار قضية الجبري دليلاً واضحاً على مدى تغلغل عناصر الإخوان داخل مؤسسات الحكم في السعودية، ومنها بالطبع اللجنة الخاصة التي مثلت أهم أسباب الحياة بالنسبة لجماعة الإخوان في اليمن والقوى المرتبطة بها كالجنرال علي محسن الأحمر وبيت الأحمر منذ السبعينيات.

نفوذ وتغلغل لا بد وأنه استمر مع حرب 2015م مع استمرار هذه القوى في المشهد كأدوات للسعودية في هذه الحرب، رغم فشلها في التصدي لجماعة الحوثي مع كل الدعم الذي كان يقدم لها من السعودية، وكما كانت هذه الأدوات سبباً في سقوط صنعاء بيد الحوثي كانت هي نفسها السبب في منع استعادتها.
*نقلا عن(نيوزيمن)