في عالم التصميم، هناك مَن يكتفي بابتكار الجمال، وهناك مَن يحوّله إلى تجربة شعورية، وإلى حكاية صامتة تُروى بين الجدران، وفي تفاصيل الضوء والخامة والمساحة. نوف المنيف تنتمي إلى الفئة الثانية، بل تتصدّرها. فهي لا تصمّم الأماكن فحسب، بل تخلق منها مشاهد حيّة تنبض بالهوية، وتحمل بصمة شخصية لا تخطئها العين. نوف، المعمارية والمصمّمة السعودية، تنظر إلى التصميم كفن عميق متجذّر في الذاكرة والعاطفة، لا كزينة سطحية أو موضة عابرة. تشبه في رؤيتها الشاعر الذي ينتقي كلماته بحساسية عالية، فتختار هي موادها، نسبها، إضاءتها، لتروي من خلالها قصة الإنسان والمكان. تستلهم من تراثها السعودي الأصيل، ولكنها لا تقف عند حدوده، بل تعيد قراءته بلغة معاصرة ووعي عالمي. في هذه المقابلة الخاصة، نغوص مع نوف المنيف في أعماق رحلتها، من البدايات الأولى وحتى المراحل المفصلية في مسيرتها المهنية، من إحساسها العميق بالهوية إلى طريقتها في تمكين المرأة، ومن فلسفتها في التصميم إلى رؤيتها لمستقبل التصميم السعودي، الذي لا تراه تابعاً، بل صانعاً للاتجاهات ومؤثّراً عالمياً.
مديرة إبداعية ومنسقة أزياء . Jade Chilton
تصوير . Fouad Tadros
مكياج . Kasia Domanska
شعر . Ivan Kuz
موقع التصوير . Bickiboss Studio







- كيف كانت تجربة اليوم مع Chaumet؟
كانت تجربة جميلة جداً، Chaumet تفهم الأناقة بطريقة تنسجم تماماً مع شخصيتي، أناقة بسيطة، راقية، وعاطفية. الفريق خلق أجواءً مريحة جعلتني أكون على طبيعتي، وهذا ينعكس بصدق في الصور.
- ما اللحظة الفارقة التي قادتك نحو التصميم والعمارة؟
منذ طفولتي، كنت دائماً أنجذب إلى المساحات أكثر من الأشياء. كنت أرتّب الغرف في التجمّعات العائلية، وشعرت مبكراً أن الفضاء قادر على التأثير في مشاعر الناس. التصميم بالنسبة إليّ هو طاقة وذاكرة وشعور.
- ما الذي أشعل شغفك بالتصميم؟
كان الأمر مزيجاً بين محيطي وفضولي الطبيعي. في منزلنا بالسعودية، كانت هناك تفاصيل تقليدية جميلة: أقواس، خامات، وإضاءة لها روح. لم أكن أعرف حينها أن هذا يُسمّى �تصميماً�، لكنني شعرت بجماله المتعمّد.

- هل أثّر نمط الحياة السعودي في ذائقتك الجمالية؟
بالتأكيد، ثقافتنا غنية بهدوئها، الهندسة، الحِرَف، وحسّ الضيافة في مساحاتنا شكّلت ذوقي. جذوري السعودية حاضرة في كل ما أصمّمه، ليس من خلال تكرار التراث، بل من خلال استلهامه وإعادة تفسيره بروح معاصرة.
- ما المشروع الذي تفتخرين به أكثر؟
المشاريع الأقرب الى قلبي هي تلك التي استطعتُ فيها ترجمة الشعور إلى فراغ، وحققت توازناً بين الأناقة والسرد الشخصي. عندما يخبرني العميل: �هذا المكان يُشبهني�، أعتبر ذلك نجاحاً حقيقياً.

- ما دورك في تشكيل الهوية البصرية للمملكة؟
نحن نعيش لحظة تاريخية، كمصمّمين، لا نكتفي ببناء المساحات، بل نُساهم في تشكيل الذاكرة البصرية للسعودية الجديدة، أرى نفسي راويةَ قصصٍ ومعماريةً لهوية تتطوّر بثقة.
- من أين تستمدّين إلهامك؟
من المشاعر أولاً، ثم من الطبيعة والفن والتاريخ وإيقاع حياة الإنسان. لا أقتبس، بل أترجم هذه المرجعيات إلى أجواء محسوسة.
- كيف تصنعين مساحات خالدة وشخصية؟
بالصدق، لا بالموضة. أركّز على النِّسب، والضوء، والخامات، وطريقة معيشة الناس في المكان. الأناقة تصبح خالدة عندما تكون صادقة.

- كيف تدمجين التراث السعودي في التصميم المعاصر؟
أرى إلى التراث كلغة، لا كموضوع. أدمجه بشكل ناعم، من خلال الهندسة، المواد، وتدفّق الفضاء، لأكرّم الثقافة من دون أن أجمّدها في زمن.
- ما هو مفهوم �التصميم السعودي المعاصر� بالنسبة إليك؟
هو تصميم معاصر، لكنه متجذّر، واثق بما يكفي ليبتكر، من دون أن ينسى أصله. أعتقد أنه خلال العقد المقبل سيصبح له تأثير عالمي، خاصة بعد إعلان الهوية المعمارية النجدية أخيراً.
- كيف تغيّر دور المرأة السعودية في التصميم؟
لم نعُد ندخل هذا المجال، نحن نقوده اليوم، أصبحت هناك ملكية للمكان، لا مجرد سماح أو تمكين.



- كيف تؤثر الموضة في ذوقك في التصميم؟
كلاهما وسيلة للتعبير عن الذات، طريقتي في اللبس والتصميم تنبع من المكان نفسه، الأناقة التي تحمل نيّة ومشاعر.
- ما العلاقة بين تصميم المجوهرات والديكور الداخلي؟
كلاهما يحكي قصة من خلال الشكل والحجم والتفاصيل. المجوهرات أشبه بالعمارة المصغّرة، حميمية، نحتية، ومعبّرة.
- ما هي خطوتك المقبلة؟ وما الإرث الذي تطمحين لتركه؟
أرغب في الاستمرار بتصميم مساحات تحمل شعوراً وهوية واستمرارية، لكن رؤيتي تتجاوز المشاريع. أريد أن أُعيد تشكيل طريقة تفكير الناس في التصميم والإبداع، خاصة في منطقتنا. دعم المواهب المحلية من أولوياتي، وأسعى لفتح الأبواب أمام الجيل الجديد من المصمّمين والمبدعين. أطمح إلى التأثير في حركة التصميم من خلال الشخصية، والمنظور، والشجاعة.
تصوير - Fouad Tadros
مديرة إبداعية ومنسقة أزياء - Jade Chilton
شعر - Ivan Kuz
مكياج - Kasia Domanska